عنها لا أجِدُ أحداً نكحها إلَاّ رجمتُهُ بالحجارة، وقال: هذه المُتْعة النِّكَاحُ والطَّلاق والعدّةُ والميراث فذكر هذا الكلام في مَجْمَعٍ من الصَّحَابَةِ، ولم ينكروا عليه، فالحالُ لا يخلو من أن يكونُوا عالمين بحرمة المُتْعةِ فَسَكتُوا، أو كانوا عالمين بإباحتها فسكتوا مداهنة، أو ما عرفوا حكمها فسكتوا تَوَقُّفاً.
والأوَّلُ: هو المطلوب.
والثَّاني: يُوجبُ تكفيرَ عُمَرَ وتكفيرَ الصَّحابةِ، لأنَّ من علم أنَّ رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حكم بإباحة المُتْعَةِ ثمَّ قال: إنَّهَا محرَّمة من غير نسخ لها فهو كافر، ومن صدقه مع علمه بكونه مخطئاً كافر، وهذا يقتضي تَكْفِير الأمَّةِ. وإن لم يكونوا عالمين بالإباحَةِ ولا بالحرمة، فهذا أيضاً باطلٌ؛ لأنَّ كون المتعة مباحة يقتضي كونها كالنِّكَاح، واحتياج النَّاس إلى معرفة حكمها عام في حقِّ الكُلِّ، ومثل هذا يمتنع خفاؤه بل يجبُ أن يُشْتَهَر العلم بحكمه كاشتهار علمهم بحلِّ النِّكاح، ولما بطل هذان القسمان ثَبَتَ أنَّ الصَّحَابَةَ إنَّمَا سَكَتُوا عن الإنكار على عُمَرَ لعلمهم بأنَّ المتعة صارت منسوخَةً في الإسْلَامِ.
فإن قيل: الرَّجْمُ غير جائز مع أنَّ الصَّحابةَ ما أنكروا عليه حين ذكر ذلك، ولما سكتَ ابْنَ عباسٍ عنه في مسألة المُبَاهَلَة ثم ذكرها بعد موت عمر وقال: من شاء باهلته فقيل له: هلاّ قلت هذا في زمن عُمَرَ، فقال: هِبْتُه، وكان أمْرَأً مُهاباً.
فالجوابُ لعلَّهُ ذكر ذلك على سبيل الزَّجْرِ والتهديدِ والسِّيَاسة، ومثلُ هذا جائز [للإمام] عند المصلحةَ كقوله عليه السَّلامُ «مَنْ مَنَعَ الزَّكاةَ فإنَّا نَأخُذُهَا مِنْهُ وَشَطْر مالِهِ» وأخذ شَطْرِ المالِ غير جائز لكنَّه قال ذلك للزَّجر فكذا ههنا، وأمَّا سكوت ابن عباس، فكَانَ سكوت رجل واحد في خلائق عظيمة، فلا يُشْبِهُ سكوت الخَلَائِقِ العظيمة عند رجل واحد، ويدلُّ على التَّحريم حديثُ الربيعِ بْنِ سبرة، وحديث عَلِيٍّ المذكوران أوَّل الفَصْلِ قال الرَّبيعُ بْنُ سُليْمَانَ: سمعت الشَّافِعِيِّ يقول: لا أعلم في الإسْلَامِ شيئاً أحِلَّ ثم حرم غير المُتْعَةِ.
واحتجَّ من قال بإباحَةِ المتعة بوجوهٍ:
أحدُهَا قراءة أبيِّ بنِ كَعْبٍ وابن عباس «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى