للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عنه؛ لزمَ تكفيره، وتكفير كلّ مَنْ لا يحاربه وينازعه، ويفْضِي ذلك إلى تكفير جميع المؤمنين، وكلُّ ذلك باطل فلم يبق إلا أن يقال: كان مراده أنّ المتعة كانت مباحة في زمن الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وأنا أنهى عنها لما ثبت أنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نسخها، فهو ناقل للنَّسْخِ، لا أنَّهُ نسخ من عنده.

فصل

قال القرطبيُّ: اختلف العلماءُ كم مرة أبيحت ونسخت؛ ففي «صحيح مسلم» عن [عبد] الله قال: «كُنَّا نَغْزُو مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليس لنا نِسَاء، فقلنا: ألا نَسْتَخْصِي؟ فنهانا عن ذَلِكَ، ثُمَّ رَخَّص لنا أنْ نَنْكِحَ المَرْأةَ بالثَّوْبِ إلى أجَلٍ» قال أبُو حَاتِم البُسْتِيُّ في صحيحه: قولهم للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ «ألا نَسْتَخْصِي» دليل على أنَّ المتعة كانتَ مَحْظُورَةً قبل أنْ يبيح لهم الاستمتاع، ولو لم تكن محظورة لم يكن لسؤالهم عن هذا معنىً، ثم رَخَّص لهم في الغَزْوِ أن ينكحوا المرأة بالثَّوب إلى أجَلٍ ثمَّ نهى عنها عام خيبر ثم أذن فيها عام الفتح ثم حرمها بعد ثلاث فهي محرّمة إلى يوم القيامة.

وقال ابن العَرَبِيّ: وأمَّا متعة النَساء فهي من غرائب الشَّريعة؛ لأنَّهَا أبيحت في صدر الإسْلامِ ثمَّ حرمت يَوْمَ خيبر، ثم أبيحت في غزوة أوْطَاسٍ ثُمَّ حرِّمت بعد ذلك، واستقر الأمر على التَّحريم، وليس لها أختٌ في الشَّريعة إلَاّ مسألة القبلة، فإنَّ النَّسْخَ طرأ عليها [مرتين] ثم استقرَّتْ بعد ذلك. وقال غيره مِمَّنْ جمع طرق الأحاديث فيها: إنَّها تقتضي التَّحليلَ والتَّحْرِيمَ سبع مرات فروى ابن أبي عمرة: أنَّها كانت في صدر الإسلام.

وروى سلمةُ بْنُ الأكوع: أنَّها كانت عام أوْطَاسٍ، ومن رواية عليٍّ تحريمها يومَ خيبر، ومن رواية الرَّبِيعِ بْنِ سبرة إباحتها يَوْمَ الفَتْحِ.

قال القرطبيُّ وهذه الطرق كُلُّهَا في «صحيح مسلم» وغيره عن علي نَهْيَهُ عنها في غزوة تَبُوكَ وفي مصنف أبي داود من حديث الرَّبيعِ بْنِ سبرةَ النَّهي عنها في حجَّةِ الوَدَاعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>