والذي غرَّ هؤلاء قوله تعالى:{فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ}[البقرة: ٧١] قالوا: «فهي هنا منفية» وخبرها مثبت في المعنى؛ لأن الذبح وقع لقوله:«فَذَبَحُوهَا» ، والجواب عن هذه الآية من وجهين:
أحدهما: أنه يحمل على اختلاف وقتين، أي: ذبحوها في وقت، وما كادوا يفعلون في وقت آخر.
والثاني: أنه عبّر بنفي مُقَاربة الفعل عن شدَّة تعنُّتهم، وعسرهم في الفعل.
وأما ما حكَوْهُ عن ذي الرُّمَّة، فقد غلَّط الجمهورُ ذا الرمَّة في رجوعِهِ عن قوله الأوَّل، وقالوا:«هو أبلغُ وأحْسَنُ مما [غيَّره إليه] .
واعلم أن خبر» كاد «وأخواتها - غير» عَسَى «- لا يكون فاعله إلاّ ضميراً عائداً على اسمها؛ لأنها للمقاربة أو للشُّرُوع، بخلاف» عسى «، فإنها للترجِّي؛ تقول:» عَسَى زَيْدٌ أَنْ يَقُومُ أَبُوهُ «، ولا يجوز ذلك في غيرها، فأما قوله:[الطويل]
فأتى بالفاعل ظاهراً، فقد حمله بعضهم على الشُّذُوذ، ينبغي أن يقال: إنما جاز ذلك؛ لأن الأحجار والملاعب هي عبارة عن الرَّبْعِ، فهي هو، فكأنه قيل: حتَّى كادَ يكلُّمُني؛ ولكنه عبّر [عنه] بمجموع أجزائه.