الأوَّلُ: المرادُ بالإذن الرِّضَا ولا بدَّ مِنْهُ.
الثَّاني: أنَّ المرادَ بأهلهنّ من يقدر على نكاحهن، فإن كانت امرأةً فموْلَاهَا.
الثَّالِثُ: أنَّ الأهْلَ يتناولُ الذكورَ والإناثَ، لكنَّهُ عام والأدلَّةُ الدَّالَّةُ على المرأة لا تنكح نفسها خاصّة، والخاصُّ مقدَّمٌ وفي الحديثِ:«العَاهِر هي التي تنكِحُ نَفْسَهَا» ولذا كانت مسلوبةَ العبارة في [حقّ] نفسها، فهي في حقّ مملوكها أولى.
قوله تعالى «فآتوهن أجورهن» قال بعضهم: هو المهر، قال: والمُرادَ به مهر المثل لقوله تعالى: {بالمعروف} وهذا إنَّمّا ينطلق فيما كان مبنياً على الاجتهاد وغالب الظنِّ في المعتاد والمتعارف كقوله: «وعلى الوارث مثل ذلك»{وَعلَى المولود لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمعروف}[البقرة: ٢٣٣] .
وقال القاضي:«المرادُ من [الأجُورِ:] النَّفَقةُ عليهنّ قال: لأنَّ المهر مقدّر، فلا معنى لاشتراط المعروف فيه، فكأنَّهُ تعالى بيَّن أنَّ كونها أمَةً لا يقدحُ في وُجُوبِ نفقتها، وكفايتها كما في حقّ الحرة، وأكثر المفسَِّرينَ حملوا قوله:{بالمعروف} على تَرْكِ المطْلِ، والتَّأخيرِ عند المطالبة على العَادَةِ الجميلَةِ.
فصل في من المستحق لقبض مهر الأمة؟
نقل أبُو بكرٍ الرَّازِي في أحكام القرآن عن بعض أصْحَابِ مالكٍ، أنَّ الأمة هي المستحقّة لقبض مهرها بهذه الآيةِ.
والجوابُ من وُجوهٍ:
أحدُهَا: أنَّا إذا حملنا [قوله] الأجور على النَّفَقَةِ، زال تمسكهم.
وثانيها: إنَّمَا أضاف إيتاء المهور إليهن، لأنَّهُ ثمن بعضهم، وليس في قوله «وآتوهن» ما يوجب كون المَهْرِ ملكاً لهنَّ.
وثالِثُهَا: ثبت أنَّهَا تقتضي كَوْنَ المَهْرِ ملكاً لهُنَّ، ولكنَّهُ عليه السلامُ قال:«العَبْدُ وَمَا فِي يَدِهِ [ملِكٌ] لمولاهُ» وقال تعالى: {ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لَاّ يَقْدِرُ على شَيْءٍ}[النحل: ٧٥] فنفى الملك عنه.