وقال عُمَرُ وابنُ مسعودٍ والشعبيُّ والنخعيُّ والسديُّ: أسلمن. وطعنوا في هذا الوجه بِأنَّهُ تعالى وصف الإماء بالإيمان في قوله {فَتَيَاتِكُمُ المؤمنات} ويبعد أن يقال: فتياتكم المؤمنات، ثم يقال: فإذا آمن فإن حالهن كذا وكذا، ويمكن جوابه بأنَّهُ تعالى حكم حكمين:
الأوَّلُ: حال نكاح الأمَاءِ فاعتبر الإيمان فيه بقوله: {فَتَيَاتِكُمُ المؤمنات} .
والثَّاني: ما يجبُ عليهنَّ عند إقدامهن على الفاحشَةِ، فذكر [حال] إيمانهنَّ أيضاً في هذا الحكم وهو قوله تعالى {فَإِذَآ أُحْصِنَّ} .
قوله:«فإن أتين بفاحشة فعليهن» الفاء في «فإنْ» جواب «إذَا» وفي «فعليهن» جواب «إن» فالشَّرط الثَّاني وجوابه مترتِّبٌ على وجود الأوَّلِ، ونظيره: إن أُكلت فإن ضربت عمراً فأنت حرٌّ، لا يُعتق حتى يأكل أولاً، ثم يضرب عمراً ثانياً ولو أسقطت الفاء الدّاخلة على «إن» في مثل هذا التّركيب انعكس الحكم، ولزم أن يَضْرب أولاً ثُمَّ يأكل ثانياً، وهذا يُعْرف من قواعد النَّحْوِ، وهو أن الشَّرْطَ الثَّاني يُجْعل حالاً، فيجب التَّلبُّسُ به أولاً.
قوله:«من العذاب» متعلق بمحذوف؛ لأنَّهُ حال من الضَّميرِ المستكن في صلة «ما» وهو «على» ، فالعامل فيها معنوي، وهو في الحقيقة ما تعلَّقَ به هذا الجر، ولا يجوز أن يكون حالاً من «ما» المجرورة بإضافة «نصف» إليها؛ لأنَّ الحال لا بدَّ أن يعمل فيها [ما يعمل] في صاحبها [إن] و «نصفُ» هو العامل في صاحبها الخفض بالإضافة، ولكنه لا يعمل في الحال، لأنَّهُ [ليس] من السماء العاملة إلا أنَّ بعضهم يرى أنَّهُ إذا كان