للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل في من يقيم الحد على الإماء؟

اختلفوا فيمن يقيمُ الحدَّ على العَبْدِ والأمَةِ إذَا زَنَيَا، قال بن شهاب: مضت السُّنَّةُ أن يَحُدَّ العَبْدَ والأمَةَ أهلُوهُم في الزِّنَا، إلَاّ أنْ يُرْفَع أمرُهُمْ إلى السَّلطان، فليس لأحَدٍ أن يفتات عليه قوله عليه السلامُ «إذَا زَنَتْ أمَةُ أحدكُمْ فليَجْلِدْهَا مِنْهُمْ، ومَنْ لَمْ يُحْصَن» .

قال مَالِكٌ: يَحُدَّ المولى عبده في الزِّنَا وشرب الخمر، والقَذْفِ إذا شهد عنده الشُّهُودُ، ولا يقطعُهُ في السَّرقَةِ إلَاّ الإمام.

وقال أبُو حنيفةَ: «لا يقيمُ الحُدُودَ عليهم إلَاّ السُّلْطَان» .

فصل متى يحد الأمة السلطان؟

قال القُرطبيُّ: إذَا زنتِ الأمَةُ ثُمَّ عُتِقَتْ قَبْلَ أن يحدَّها سيِّدُهَا لم يحدَّهَا إلا السُّلْطَان، فإنْ زَنَتْ ثم تزوَّجَتْ لم يكُنْ لسيِّدِهَا أن يجلدَهَا لحقِّ الزَّوْجِ؛ إذ قد يَضُرُّهُ ذلك، إذَا لم يكن الزَّوْجُ ملكاً للسَّيِّدِ، فلو كان ملكاً للسَّيِّدِ؛ جازَ ذلك لأن حقَّهُمَا حَقُّهُ.

فصل

إذا أقرَّ العَبْدُ بالزِّنَا، وأنْكَرَهُ المولى فالحدُّ يجبُ على العبد لإقرارِهِ، ولا يلتفت لإنكار السَّيِّد، فلو عفا السَّيِّدُ عن عَبْدِهِ، أو أمته إذا زَنَيَا، فقال الحَسَنُ: له أن يغفر وقال غيرُهُ: لا ينفَعُهُ إلَاّ إقامَةُ الحدِّ، كما لا يسع السُّلطانَ أنْ يعفو عن حدٍّ إذا عَلِمَهُ.

قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ العنت مِنْكُمْ} «ذلك» : مبتدأ ولمن خشِيَ: جارٌّ ومجرورٌ [خبره] ، والمشارُ إليه ب «ذلك» إلى نكاح الأمة المؤمنة لمنْ عَدِمَ الطَّوْلَ، والعَنَتُ في الأصْلِ انكسارُ العَظْمِ بعد الجَبْرِ؛ فاستعير لكلٍّ مَشَقَّةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>