وقيل: المراد بالباطل [هو] العقود الفاسدة، وقوله {لَا تأكلوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بالباطل}[يدخل فيه أكل مال الغير بالباطل] وأكل مال نفسه بالباطل فيدخل فيه القسمان معاً كقوله: {وَلَا تقتلوا أَنْفُسَكُم} يدل على النهي عن قتل غيره وقتل نفسه أما أكل مال نفسه بالباطل فهو إنفاقه في معاصي الله تعالى، وأما أكل مال غيره بالباطل فقد عددناه.
قوله:{إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً} في هذا الاستثناء قولان:
أصحهما: أنه استثناء منقطع لوجهين:
أحدهما: أن التجارة لم تندرج في الأموال المأكولة بالباطل حتى يستثنى عنها سواء فسرنا الباطل بغير عوض، أو بغير طريق شرعيّ.
والثاني: أن المستثنى كون، والكون ليس مالاً من الأموال.
الثالث: أنه متصل قيل: لأن المعنى لا تأكلوها بسبب إلا أن تكون تجارة.
قال أبو البقاء: وهو ضعيف؛ لأنه قال: بالباطل، والتجارة ليست من جنس الباطل، وفي الكلام حذف مضاف تقديره؛ إلا في حال كونها تجارة، أو في وقت كونها تجارة انتهى. ف «أن» تكون في محل نصب على الاستثناء وقد تقدم تحقيقه.
وقرا الكوفيون تجارة نصباً على أن كان ناقصة، واسمها مستتر فيها يعود على الأموال، ولا بد من حذف مضاف من «تجارة» تقديره: إلا أن تكون الأموال أموال تجارة، ويجوز أن يفسر الضمير بالتجارة بعدها أي: إلا أن تكون التجارةُ تجارةً كقوله: [الطويل]
أي إذا كان اليوم يوماً، واختار أبو عبيدةَ قراءة الكوفيين، وقرأ الباقون «تجارةٌ» رفعاً على أنها «كان» التامة قال مكي «وأكثر كلام العرب أن قولهم» إلا أن تكون «في هذا الاستثناء بغير ضمير فيها يعود على معنى: يحدث ويقع، وقد تقدم الكلام على ذلك في البقرة.
وقوله:{عَن تَرَاضٍ} متعلق بمحذوف لأنه صفة ل» تجارة «فموضعه رفع أو نصب