واختلفوا: هل هذا الحُكْمُ على الترتيبِ، أم لا؟ قال عَلِيُّ بْنُ أبي طالبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: يَعِظُهَا بِلِسَانِهِ، فإنْ أبَتْ هَجَرَهَا فِي المَضْجَعِ [فإن أبتْ ضَرَبَهَا] ، فإن لم تَتَّعِظْ بالضَّرْبِ بَعَثَ الحكم [مِنْ أهْلِهِ] .
وقال آخرون: هذا الترتيب مراعى عند خَوْف النُّشُوزِ أمّا عند تحقق النشوز، فلا بأس بالجمع بين الكُلِّ.
قوله:« [فإن أطعنكم] فلا تبغوا عليهن سبيلاً» في نَصْبِ «سبيلاً» وجْهَانٍ:
أحدهما: أنه مفعول به.
والثَّانِي: أنَّهُ على إسْقَاطِ الخَافِضِ، وهذان الوَجْهَانِ مبنيان على تفسِير البَغْي هنا ما هو؟ فقيل: هو الظٌّلْمُ من قوله: {فبغى عَلَيْهِمْ}[القصص: ٧٦] ، فعلى هذا يَكُونُ لازِماً، و «سبيلاً» منصوب بإسْقَاطِ الخَافِضِ أي: كسبيل.
وقيل: هو الطَّلب، من قولهم: بَغَيْتُه، أي: طلبته، وفي {عَلَيْهِنَّ} وجهان:
أحدهما: أنه متعلّق ب {تَبْغُواْ} .
والثَّاني: أنَّهُ مُتَعَلِّق بمحذوفٍ على أنَّهُ حالٌ من {سَبِيلاً} ، لأنه في الأصلِ صفة النكرة قُدِّم عليها.
فصل
قال بعضُهُم: معناه: لا تتجنّوا عليهنَّ بقولٍ، أو فِعْلٍ. قال ابْنُ عيينَةَ لا تكِّفوهُنَّ محبتكم، فإنَّ القلب ليس بأيديهن، ثم قال تعالى:{إِنَّ الله كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} مُتعلياً عن أنْ يكلّف العبادَ ما لا يُطيقُونَهُ، فلذلك لا تُكلفوهنّ محِبَتَكُم، فإنهن لا يطقنَ ذِلكَ.
وقيل: إنَّهُ مع عُلُوِّهِ، وكبريائه لا يُؤاخِذُ العَاصي إذَا تَابَ، فأنتم أولى إذا تابت المرأةُ من نُشُوزِهَا بأن تقبلوا تَوْبَتَهَا، وقيل: إنَّهُنَّ إن وضعن عن دَفْعِ ظلمكم فاللهُ سبحانه كبيرٌ عليٌّ قاهر يَنْتَصِفُ لَهُنَّ مِنْكُمْ.