للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يُؤْمِنُونَ [بالله وَلَا] باليوم الآخر} ؛ وكذا الباء إشعاراً بأنَّ الإيمان مُنتفٍ عن كلِّ على حدته [كما] لو قُلت: لا أضرب زيداً أو عَمْرًا، احْتمل في الضَّرْب عن المَجْمُوع، ولا يَلْزَم منه نَفْي الضَّرْب عن كل وَاحِدٍ على انْفِرَادِه، [واحتمل نَفْيه عن كُلِّ واحِدٍ بالقرآنِ] .

وإذا قُلْت ولا عَمْراً، تعيَّن هذا الثَّاني.

قوله - تعالى -: {وَمَن يَكُنِ الشيطان لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً} :

قوله: {وَمَن يَكُنِ الشيطان لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً} أي: صاحِباً وخَليلاً، والمَعْنى: أن الشَّيْطَان قَرين لأصْحَاب هذه الأفْعَالِ.

قال القرطبي: في الكلام إضْمَار، تقديره: {وَلَا يُؤْمِنُونَ بالله وَلَا باليوم الآخر} فَقَرينُهُم الشَّيْطَان {وَمَن يَكُنِ الشيطان لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً} .

قوله: {فَسَآءَ قِرِيناً} وفي «فساء» هذه احتمالان:

أحدهما: أنَّها نقلت إلى الذَّمِّ، فجرت مُجْرى «بِئْسَ» ، ففيها ضَميرٌ فاعلٌ لها مُفَسِّر بالنكِرَة بعده، وهو {قِرِيناً} والمخصُوص بالذَّمِّ مَحْذُوف، أي: فَسَاءَ قريناً هُوَ، وهو عائد [إما] على الشَّيْطَان، وهو الظَّاهِر، وإمَّا على «مَنْ» ، وقد تَقَدَّم كم نِعْم وبِئْس.

الثاني: على بابها، فهي مُتَعَدِّية، ومَفْعُولها مَحْذُوف، و «قريناً» على هذا مَنْصُوب على الحَالِ أو على القَطْعِ، والتَّقدير: فساءَهُ، أي: فساء الشَّيْطَان مُصَاحَبَة؟

قال القُرْطُبِي: {قِرِيناً} مَنْصوب على التَّمييز، واحتجُّوا للوجْه الأوَّل بأنَّه كان يَنْبَغِي أن يحذف الفَاءَ من «فَسَاءَ» ، أو تَقْتَرِن به «قَدْ» ، لأنه حينئذٍ فِعْل مُتَصرِّف ماض، وما كان كذلِك ووقع جواباً للشَّرْط، تَجَرَّد من الفَاءِ أو اقْتَرَن ب «قد» ، هذا معنى كَلَام أبِي حيَّان.

قال شهاب الدين: وفيه نَظَر؛ لقوله - تعالى -: {وَمَن جَآءَ بالسيئة فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النار هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَاّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: ٩٠] {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ} [يوسف: ٢٧] مما يُؤوّل به هذا ونحوه يَتَأوّل به هذا، وممَّن ذَهَب إلى أن {قِرِيناً} منصوب على الحالِ ابن عَطِيَّة، ولكن يُحْتَمل أن يكُون قَائِلاً بأن «سَاءَ» متعدِّيَة، وأن يكون قَائِلاً برأي الكُوفيِّين، فإنَّهم يَنْصُبُون

<<  <  ج: ص:  >  >>