للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال سعيد بن جُبَيْر: قال رَجُل لابن عبَّاس: إني أجد في القُرْآن أشياء تختلفُ عليّ، قال: هَاتِ ما اخْتَلَفَ عليك، قال: قال تعالى: {فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ} [المؤمنون: ١٠١] {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ} [الصافات: ٢٧] وقال: {وَلَا يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً} ، و {قَالُواْ والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] فقد كتمُوا، وقال: {أَمِ السمآء بَنَاهَا} [النازعات: ٢٧] إلى قوله: {والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٣٠] ، فذكر خَلْق السَّماء قبل خلق الأرْضِ، ثم قال {أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذي خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: ٩] إلى «طائِعين» . فذكر في هذه الآية خَلْق الأرض قبل خَلْق السَّماء، وقال: «وكان الله غفوراً رحيماً» و «عزيزا حكيماً» فكأنه كان ثم مَضَى.

فقال ابن عباس: فلا أنْسَابَ بَيْنَهم في النَّفْخَة الأولى، وقال - تعالى -: «ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض [إلا أن شاء الله] » فلا أنساب عند ذلك ولا يتساءَلُون، ثم في النَّفْخَة الأخيرَة أقْبَل بعضهم على بَعْض يتساءَلُون.

وأما في قوله: ما كنا مشركين و «لا يكتمون الله حديثا» فإن الله يَغْفِر لأهْل الإخْلَاص ذُنُوبهم فيقول المُشْرِكُون: تعَالَوْا نقل: ما كُنا مُشركين، فيختم على أفواههم، وتنطقُ أيديهم وأرْجُلهم، فَعِنْدَ ذلك عَرَفُوا أنَّ الله لا يَكْتُم حَديثاً، وعنده «يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض» .

وخلق الله الأرْضَ في يومين ثم خلق السَّماء، ثم اسْتَوَى إلى السَّمَاء فَسَوَّاهُن في يَوْمَيْن آخرَيْن، ثم دَحَى الأرض، وَدَحْيُها أن أخْرَج منها المَاءَ والمَرْعَى، وخلق الجِبَال والآكَامَ، وما بينهُمَا في يومين آخريْن؛ فقال «خلق الأرض في يومين [ثم دَحَى الأرض في يومين؛ فخلقت الأرْضُ وما فيها من شيء في أربعةِ أيام، وخلقت السماوات في يومين] » وكان الله غفوراً رحيماً «أي: لم يَزَلْ كَذَلِك، فلا يختلف عليك القُرْآن؛ فإن كُلاًّ من عَِنْد الله» .

وقال الحسن: إنها مواطِنٌ: ففي مَوْطن لا يتكلَّمُون، ولا تَسْمَ إلا هَمْساً، وفي موطنٍ [يعترفون على أنفسهم فهو قوله: {فاعترفوا بِذَنبِهِمْ} [الملك: ١١] ، و [في موطن يتكلّمون ويكذبون، ويقولون: {والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] ، و {مَا كُنَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>