الصَّخْر الذي لا تُرَابَ علَيْه، فوجب حمل المُطْلَقِ على المُقَيَّد.
فإن قيل: إن كَلِمَة «مِنْ» لابْتداء الغَايَة، قال صَاحِب الكَشَّاف لا يَفْهَم أحدٌ من العرب من قَوْل القائِل: مَسَحْتُ برأسِهِ من الدُّهْن ومن المَاءِ ومن التُّرَاب، إلا مَعْنى التَّبْعيض.
ثم قال: والإذْعَان للحَقِّ أحقُّ من المِرَاء.
وقال الوَاحِدي: إنه - تعالى - قال:«صعيداً طيباً» والأرْض الطَّيِّبَة التي تُنْبِتُ؛ لقوله - تعالى -: {والبلد الطيب يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ}[الأعراف: ٥٨] ، وقال - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «التُّرابُ طَهُور المُسْلمِ إذَا لَمْ يجدِ المَاءَ» .
قوله:«فامحسوا بوجوهكم» هذا الجَارُّ متعلِّق ب «امسحوا» وهذه الباء يُحْتَمَل أن تكون زَائِدة، وبه قال أبُو البَقِاء، ويحتمل أن تكُون مُتعدِّية؛ لأن سيبويْه حكى: مَسَحْتُ رَاسه وبِرأسه، فيكون من بَابِ نَصَحْتُه ونَصَحْتُ له، وحذف المَسْمُوح به، وقد ظَهَر في آية المَائِدة، في قوله:{مِّنْهُ}[المائدة: ٦] فحُمِلَ عَلَيْه هذا.
ثم قال - تعالى -: «إن الله كان غفوراً رحيماً» وهو كِناية عن التَّرخيص والتَّيْسِير لأن من غَفَر للمذْنِبين، فبِأن يُرَخّص للعَاجِزين أوْلَى.
فصل
قال القرطبي: أجْمَع العلماءُ على أن التَّيَمُّم لا يَرْفعَ الجَنَابَة، ولا الحَدَث، وأن المُتَيِّمم لَهُما إذا وجد المَاءَ، عاد جُنُباً أو مُحْدِثاً كما كان؛ لقوله عليه السلام لأبي ذر:«إذَا وَجَدْت المَاءَ، فأمِسَّهُ جِلْدَكَ» .
فصل
قال القرطبي: والمَسْحُ لفظ مُشْتَرَك يكون بمعنى الجماع، يقال: مَسَح الرَّجُل المَرْأة، إذا جَامَعهَا، والمَسْحُ: مسْح الشيء بالسَّيْف وقَطْعه به، ومَسَحَت الإبل يَوْمَها إذا سَارَت، والمسْحَاءُ المرأة الرسماء التي لا أسْت لها، ولِفُلان مَسْحَة من جمالٍ، والمُرادُ هُنا بالمَسْحِ: عبارة عن مَرِّ اليد على المَمْسُوح.