للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أحدها: أن يكُون «من الذين» خبر مُقدم، و «يحرفون» جُمْلَة في محلِّ رفع صِفَة لموصُوف مَحْذوف هو مُبْتَدأ، تقديره: مِنَ الذين هَادُوا قومٌ يُحَرِّفون، وحَذْف الموْصُوف بَعْد «مِنَ» التَّبِعِيضيَّة جَائِزٌ، وإنْ كانت الصِّفَة فِعْلاً؛ كقولهم «مّنَّا ظَعَنَ، ومَنَّا أقَامَ» ، أي: فريقٌ أقام، وهذا مَذْهَب سيبويه والفارسِي؛ ومثله: [الطويل]

١٨٠٥ - وَمَا الدَّهْرُ إلا تارتانِ فَمِنْهُمَا ... أمُوتُ وأخرى أبْتَغِي العَيْشَ أكدحُ

أي: فمنهما تَارةٌ أمُوت فِيها.

الثاني: قول الفرَّاء، وهو أن الجَارَّ والمجرور خَبَر مقدَّم أيضاً، ولكن المُبْتدأ المحذُوف يقدره مَوصولاً، تقديره: «من الذين هادوا من يحرفون» ، ويكون قد حمل على المَعنى في «يحرفون» قال الفرَّاء: ومِثْله [قول ذي الرِّمَّة] [الطويل]

١٨٠٦ - فَظَلُّوا وَمِنْهُمْ دَمْعُهُ سَابِقٌ لَهُ ... وآخَرُ يَثْنِي دَمْعه العَيْنِ بِاليَدِ

قال: تقديره، ومنهم [مَنْ] دَمْعه سَابِقٌ لَهُ، والبَصْرِيُّون لا يُجَوِّزُونَ حذف الموصُولِ؛ لأنه جُزْءُ كلمة، وهذا عِنْدَهم مؤولٌ على حَذْفِ موصوفٍ كما تَقَدَّمَ، وتأويلُهُم أولى لعطفِ النكرة عليه، وهو: آخر وأخْرَى في البَيْت قَبْلَه، فيكون في ذلك دلالةٌ على المَحْذُوفِ، والتقدير: فمنهم عَاشِقٌ سَابِقٌ دَمْعه لَهُ وآخَر.

الثالث: أن «من الذين» خَبَر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أي: «هم الذين هادوا» ، و «يحرفون» على هذا حَالٌ من ضمير «هادوا» وعلى هذه الأوْجُه الثَّلاثة يكون الكلام قم تَمَّ عند قوله: «نصيراً» .

الرابع: أن يكون «من الذين» حَالاً [من فاعل «يريدون» قاله أبو البقاء، ومنع أن يكُون حالاً] من الضَّمير في «أوتوا» ومن «الذين» أعنِي: في قوله - تعالى -: «ألم تر إلى الذين أوتوا: قال: لأنَّ الحال لا تكُون لِشَيْءٍ واحِدٍ، إلا بعطف بَعْضِها على بَعْضٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>