الثاني: قول الفرَّاء، وهو أن الجَارَّ والمجرور خَبَر مقدَّم أيضاً، ولكن المُبْتدأ المحذُوف يقدره مَوصولاً، تقديره:«من الذين هادوا من يحرفون» ، ويكون قد حمل على المَعنى في «يحرفون» قال الفرَّاء: ومِثْله [قول ذي الرِّمَّة][الطويل]
قال: تقديره، ومنهم [مَنْ] دَمْعه سَابِقٌ لَهُ، والبَصْرِيُّون لا يُجَوِّزُونَ حذف الموصُولِ؛ لأنه جُزْءُ كلمة، وهذا عِنْدَهم مؤولٌ على حَذْفِ موصوفٍ كما تَقَدَّمَ، وتأويلُهُم أولى لعطفِ النكرة عليه، وهو: آخر وأخْرَى في البَيْت قَبْلَه، فيكون في ذلك دلالةٌ على المَحْذُوفِ، والتقدير: فمنهم عَاشِقٌ سَابِقٌ دَمْعه لَهُ وآخَر.
الثالث: أن «من الذين» خَبَر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أي:«هم الذين هادوا» ، و «يحرفون» على هذا حَالٌ من ضمير «هادوا» وعلى هذه الأوْجُه الثَّلاثة يكون الكلام قم تَمَّ عند قوله: «نصيراً» .
الرابع: أن يكون «من الذين» حَالاً [من فاعل «يريدون» قاله أبو البقاء، ومنع أن يكُون حالاً] من الضَّمير في «أوتوا» ومن «الذين» أعنِي: في قوله - تعالى -: «ألم تر إلى الذين أوتوا: قال: لأنَّ الحال لا تكُون لِشَيْءٍ واحِدٍ، إلا بعطف بَعْضِها على بَعْضٍ.