تَسْمَعُها في القرآنِ، يَكُون لِكُلِّ وَاحدٍ منها مَعْنَى سِوَى ما نَعْلَمُ، ويكونُ مرادُ الله [تعالى] ذلِكَ المعْنَى.
قوله: «سندخلهم» قَرَأ النَّخعِيُّ: سَيْدخلُهم، وكذلك: «ويدخلهم ظلاً» بِيَاءِ الغَيْبَةِ؛ رَدَّا على قوله: «إن الله كان عزيزاً» ، والجمهورُ بالنون رَدَّاً على قوله: «سوف نصليهم» ، وتقدَّم الكلامُ على قوله: «جنات تجري من تحتها الأنهار» .
وقوله: {خَالِدِينَ} يجوزُ فيه ثلاثةُ أوجهٍ:
أحدُهَا: أنه حالٌ من الضمير المنصُوبِ في {سَنُدْخِلُهُمْ} .
والثَّاني: وأجازَهُ أبُو البَقَاءِ: أنْ يكونَ حالاً من {جَنَّاتٍ} .
[قال: لأن فيها ضميراً لكُلِّ واحدٍ منهما، يَعْنِي: أنه يجوزُ أنْ يكونُ حالاً من] مفعول {سَنُدْخِلُهُمْ} كما تقدَّمَ، أوْ «من جنات» ؛ لأنَّ في الحَالِ ضميريْنِ:
أحدُهُمَا: مَجْرُورٌ ب «في» العائِدِ على {جَنَّاتٍ} فصح أنْ يُجْعَلَ حالاً مِنْ كُلٍّ واحدٍ؛ لوجودِ الرَّابِطِ، وهو الضميرُ، وهذا الذي قالُ فيه نظرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أحدُهُمَا: أنه يَصِيرُ المعنى: أنَّ الجناتِ خالداتٍ في أنفُسِهَا؛ لأنَّ الضَّميرَ في فيها عائذٌ عليْهَا. فكأنه قِيلَ: جناتٍ خَالِدَاتٍ في الجنَّاتِ أنفُسِهَا.
والثَّاني: أنَّ هذا الجمعَ شَرْطُهُ العَقْلُ، ولد أُرِيد ذلك، لقيل: خَالِدَاتٍ.
والثالثُ: أنْ يَكُونَ صِفَةً ل {جَنَّاتٍ} أيضاً. قال أبُو البَقَاءِ: على رَأي الكُوفيِّينَ يعْنِي أنَّهُ جَرَتْ الصِّفَةُ على غَيْرِ مِنْ هِيَ لَهُ في المعنى، ولم يَبْرُزُ الضَّمِيرُ، وهذا مَذْهَبُ الكوفيِّينَ، وهو انَّهُ إذَا جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هي له، وأمِنَ اللِّبْسُ، لم يَجبْ بُرُوزُ الضميرِ كهذه الآيةِ.
ومَذْهَبُ البَصْرِيِّينَ: وُجُوبُ بروزِهِ مُطْلَقَاً، فكان يَنْبَغِي أنْ يُقَالَ عَلَى مَْهلِهمْ: «خالدين هم فيها» ، ولمّا لَمْ يَقُلْ كذلك، دَلَّ على فَسَادِ القَوْلِ، وقد تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ ذلك.
[فإن قُلْتَ:] فَلْتَكُنِ المسْألَةُ الأولَى كذلِكَ، أعني: أنَّكَ إذا جعلت {خَالِدِينَ}