قال الليث: أهْل العَرَبيَّةِ يَقُولُون: زَعم فُلانٌ؛ إذَا شَكَّوا فيه فلم يَعْرِفُوا أكذبَ أمْ صَدَق؛ وكذلك تَفْسِير قوله:{هذا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ}[الأنعام: ١٣٦] أي: بقولهم الكَذِب.
قال الأصْمَعِيّ: الزَّعُومُ من الغَنَم الذي لا يُعْرَفُ أبها شحم أم لا وقال ابن الأعْرابِيّ: الزَّعْم قد يُسْتَعْمل في الحَقِّ، وأنشد لأميَّة بن أبي الصَّلْت:[المتقارب]
وزعم [تكُون] بمعنى: ظَنَّ وأخَوَاتِهَا، فيعَدَّى لاثْنَيْنِ في هَذِه الآيةِ، و «أنَّ» سادَّةٌ مَسَدَّ مفْعُوليها، وتكون بمعْنًى «» كَفَل «فتتعدى لِوَاحِدٍ؛ ومنه:{وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ}[يوسف: ٧٢] ، وبمعنى رَأس، وكذب وسَمُن، وهَزُلَ، فلا تتعَدَّى، وقرأ الجمهور:{أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} مبنياً للمَفْعُول، وقُرِئا مبنيِّيْن للفاعِلِ، وهو الله - تعالى -.
فصل: سبب نزول الآية
روي في سبب النُّزُولِ وُجُوه:
أحدُها: قال الشَّعْبِي: كان بَيْنَ رَجُلٍ من المُنَافِقِين خُصُومَة، فقال اليَهُودِيّ: نتحاكمُ إلى مُحَمَّد؛ لأنه عَرَفَ أنَّهُ عَرَفَ أنَّهُ لا يأخُذ الرَّشْوَة، ولا يَمِيلُ في الحُكْمِ، وقال المُنَافِقُ: نتحَاكمُ إلى اليَهُودِِ؛ لِعِلِمه أنَّهم يأخذُون الرَّشْوَة ويميلُون في الحُكْمِ، فاتَّفَقَا على أن يَأتِيَا كَاهِناً في جُهَيْنَةَ، فَيَتَحَاكَمَا إلَيْه، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآية.
قال جابر: كَانَتِ الطَّواغِيتُ التي يَتَحَاكَمُون إليها واحدٌ في جُهَيْنَة، ووَاحِدٌ في أسْلَم، وفي كُلِّ حَيٍّ واحدٌ كَهَّان.