للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الذي عَافَانا اللَّه فبلغ ذَلِك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فقال» إنَّ مِنْ أمَّتِي لَرِجَالاً، الإيمانُ أثْبَتُ في قُلُوبِهِم مِنَ الجِبَالِ الرَّواسِي «.

والضَّمِيرُ في قوله: {كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ} فيه قولان:

الأوّل: قال ابن عبَّاسٍ ومُجَاهِد: إنه عَائِد إلى المُنَافِقين لأنه - تعالى - كَتَبَ على بَنِي إسرائيلَ أن يَقْتُلوا أنْفُسَهم، وَكَتَب على المُهَاجِرِين أن يَخْرُجُوا من ديارِهم، فقال: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا} على هؤلاءِ المُنَافِقِين القَتْل والخُرُوجَ، ما فَعلهُ إلا قَلِيلٌ ريَاءً وسُمْعَة، وهذا اخْتِيَار الأصَمِّ والقَفَّال.

[القول] الثاني: المراد: لو كَتَب اللَّه على النَّاسِ ما ذَكَر، لم يَفْعَلْه إلا قَلِيلٌ منهم، فَيَدْخُل فيه المُؤمِنُ والمُنَافِق.

قوله: {أَنِ اقتلوا} » أن «فيها وجهان:

أحدهما: أنها المُفَسِّرة؛ لأنَّها أتت بعد ما هُو بمعنى القَوْلِ لا حَرُوفهِ، وهو أظْهَر.

الثاني: أنها مَصْدَريَّة، وما بَعْدَها من فِعْل الأمْرِ صِلَتُها، وفيه إشْكَالٌ؛ من حيث إنَّه إذا سُبك منها ومِمّا بَعْدَها مَصْدرٌ، فأتت للدِّلالةَ [على الأمر، ألا تَرَى أنَّك إذا قُلْتَ: كتَبْتُ إلَيْه أنْ قُمْ فيه من الدَّلالَةِ] على طَلَبِ القِيَام بطريق الأمْرِ، ما لا في قَوْلِك: كَتَبْتُ إليه القِيَام، ولكنَّهمُ جَوَّزوُا ذلك واسْتَدَلُّوا بقولِهِم: كَتَبْتُ إليه بأن قُمْ. ووجه الدلالة: أن حَرْفَ الجَرِّ لا يُعَلَّق.

وقرأ أبو عمرو: بكسر نُونِ» أن «وضَمّ واو» أو «، قال الزَّجَّاج: ولست أعرف لِفَصْل أبي عَمْروٍ بين هَذَيْنِ الحَرْفَيْنِ خَاصيَّة إلاّ أن يَكُون رِوَايَةً.

وقال غيره: أمّا كَسْر النُّونِ؛ فلأن الكَسْرَ هُو الأصْلُ في التِقَاء السَّاكِنَيْن، وأما ضَمُّ الواو فللإتبَاعِ؛ لأن الضَّمَّة في الواوِ أحسن؛ لأنَّها تُشْبِه وَاوَ الضَّمِير، نحو: {اشتروا الضلالة} [البقرة: ١٦] {وَلَا تَنسَوُاْ الفضل} [البقرة: ٢٣٧] وكَسَرَهُمَ حَمْزَة وعَاصِم؛ لالْتِقَاء السَّاكِنَيْن، وضَمَّهُمَا ابن كَثِير، ونَافِع [وابن عامر] والكسائي؛ للاتبَاعِ فيهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>