بمعنى؛ كالأثر والإثْر؛ والمَثَل والمِثْل، والشَّبَه والشِّبْه.
قيل: ولم يُسْمَه في هذا التَّرْكِيب إلا خُذْ بالكَسْرِ لا حَذَرَك.
يقال: أخَذَ حِذْرَهُ؛ إذا تَيَقَّظَ واحْتَرَزَ من المَخُوفِ؛ كأنه جَعَلَ الحِذْرَ آلَتَهُ التي يقي بها نَفْسَه، والمَعْنَى: احْذَرُوا واحْتَذِروا من العَدُّوِّ، ولا تمكَّنُوه من أنفُسِكم.
وقال الوَاحِدِيُّ: فيه قَوْلَانِ:
أحدهما: المُرَاد بالحِذْرِ [ها] هُنَا السِّلاح، والمعنى: خُذُوا سِلَاحَكُ، والسِّلاح يسمى حِذْراً؛ لأنَّه يُتَّقَى ويُحْذَر.
والثاني: «خذوا حذركم» بمعنى: احْذَرُوا عَدُوَّكن، فعلى الأوَّل: الأمر بأخذ السِّلاح مُصَرَّحٌ به، وعلى الثَّانِي: أخذ السَّلاح مَدْلُول عليه بِفَحْوَى الكَلامِ.
فإن قيل: إنَّ الَّذِي أمَر الله - تعالى - بالحذْرِ عَنْهُ إن كان يُقْضَى إلى الوُجُودِ، لم يَنْعَدِم، وإن كانَ الحذْر يُفْضِي إلى العَدَمِ، فلا حَاجَة إلى الحذْر، فعلى التَّقْديرَيْن الأمْر بالحذْر عَبَث، قال - عليه السلام -: «المَقْدُورُ كَائِنٌ» وقيل: الحذر لا يُغْنِي عن القَدَر.
فالجوابُ: أن هذا الكَلَام يُبْطِل القَوْل بالشَّرَائِع؛ فإنه يُقَالُ: إن كان الإنْسَان من أهْل السَّعَادة في قَضَاءِ الله وقدرِه، فلا حَاجَة إلى الإيمَانِ، وإن كان من أهْل الشَّقَاءِ، لم ينْفَعْه [الإيمانُ و] الطَّاعَة، فهذا يفضي إلى سُقُوط التَّكْلِيف بالكُلِّيّة.
واعلم أنه لما كَان الكُلُّ بِقَضَاء الله - تعالى - كان الأمْر بالحَذَرِ أيْضاً دَاخلاً بالقَدَر، وكان قَوْل القَائِل: أي فَائِدة بالحَذَر كَلَاماً مُتَنَقِضاً؛ لأنه لما كان هذا الحَذَر مُقَدَّراً، فأيُّ فائدة في هَذَا السُّؤال الطَّاعِن في الحَذَرِ.
قوله: «فانفروا [ثبات] » يقال: نَفَر القَوْم يَنْفِرُون نَفْراً ونَفِيراً، إذا نَهَضُوا لِقِتَال عَدُّوِّ، وخَرَجُوا للحَرْبِ، واستنْفَر الإمَامُ النَّاس لجِهَاد العَدُوّ، فَنَفَرُوا يَنْفِرُون: إذا حَثَّهُم على النَّفِير وَدَعَاهُم إلَيْه؛ ومنه قوله - عليه السلام -: « [و] إذا اسْتُنْفِرْتُم فانفرُوا» والنَّفِير: اسم للقَوْمِ الَّذِين يَنْفِرُون؛ ومنه يُقال «فلان فِي العِيرِ ولا فِي النَّفِيرِ.
وقال النُّحَاة: أصْلُ هذا الحَرْفِ من النُّفُور والنِّفَارِ؛ وهو الفَزَع، يقال: [