وقيل: المراد ضَعَفَهُ المؤمنين، وهو اخْتِيَار جَمَاعَةٍ من المُفَسِّرين، قالُوا: والتَّبْطِئَةُ بمعنى الإبْطَاء، وفَائِدَة هذا التِّشْديد تَكَرُّر الفِعْلِ مِنْهُ.
حكى أهْل اللُّغَة أن العَرَبَ تَقُول: ما بَطأ بك يا فُلانُ عَنَّا، وإدْخَالهم البَاء يَدُلُّ على أنَّه في نَفْسِه غير مُتَعَدٍّ، فَعَلَى هذا مَعْنَى الآية: أن فيهم من يُبطئُ عن هذا الفَرْضِ ويتثاقل عن الجَهَادِ، وإذا ظَفِر المسْلِمُون، تَمنَّوْا أن يكُونُوا مَعَهُم ليَأخُذُوا الغَنِيمَة.
قال: هؤلاء هُمُ الَّذيِن أرادَ الله بقوله: {ياأيها الذين آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفروا فِي سَبِيلِ الله اثاقلتم إِلَى الأرض أَرَضِيتُمْ}[التوبة: ٣٨] ، قال: ويَدُلُّ على أنَّ المُرَاد بقوله: «ليبطئن» الإبْطَاء منهم لا تَثْبِيطَ الغَيْرِ، لم يَكُن لِهَذا الكَلَامِ مَعْنًى.
وطعن القَاضِي في هذا القَوْلِ: بأنه - تعالى - حَكَى أن هؤلَاء المُبَطِّئِين، يقولون من الله - تعالى -، وهذا إنما يَلِيقُ بالمُنَافِقين، وأيضاً لا يَليق بالمُؤمنين أن يُقال لهم:{ياليتني كُنتُ مَعَهُمْ} ، يعني الرَّسُول «مودة» ، ثم قال: وإن حُمِلَ «ليبطئن» على أنه من الإبْطَاءِ والتَّثَاقُل، صح في المُنَافِقِين، لأنهم كانوا يَثَاقَلُون.
قوله:«فإن أصابتكم [مصيبة] أي: قَتْل وهَزيمَة» قال قد أنعم الله علي «بالقعود، و» إذ لم أكن معهم شهيداً «، أي: شَاهِداً حاضراً في تلك الغَزْوَةِ، فيُصِيبُنَي ما أصابَهُم، و» إذا لم أكن «طرف نَاصِبُه:» أنعم الله «،» ولئن أصابكم فضل من الله «أي: ظَفَرٌ وغَنِيمة،» ليقولن «هذا المنافق {كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ}[الآية] الجمهور على فَتْح لَامِ» ليقولن «لأنَّه فِعْل مُسْنَد إلى ضَمِير» من «مبني على الفَتْحِ لأجل نُون التَّوكِيد، وقرأ الحَسن بِضَمِّها، فأسْند الفِعْل إلى ضَمِير» من «أيضاً [لكن] حملاً له على مَعْنَاها؛ لأن قوله:» لمن ليبطئن «في معنى الجماعة والأصْلُ: لَيَقُولُونَنَّ وقد تقدَّم تَصْرِيفُه.
قوله:{كَأَن لَّمْ تَكُنْ} هذه» كأن «المُخَفَّفَةُ [من الثَّقيلَة] وعملُها باقٍ عند البَصْرِيّين، [وزعم الكُوفيُّون أنها حين تَخْفِيفها لا تَعْمَل كما لا تعملُ» لَكن «مُخَفَّفَة عند الجُمْهُور، وإعْمَالُها عند البَصْرِيِّين] غَالباً في ضَمِير الأمْرِ والشَّأن، وهو وَاجِبُ