ومن الناس من زعم أن الشرط في كون الأرض فراشاً ألا تكون كرة واستدل بهذه الآية، وهذا بعيد؛ لأن الكرة إذا عظمت جدًّا كانت القطعة منها كالسطح في إمكان الاستقرار عليه، والذي يؤيده كون الجبال أوتاداً للأرض ويمكن الاستقرار عليها، فها هنا أولى.
فَصْلٌ في منافع الأرض وصفاتها
فأولها: الأشياء المتولّدة فيها من المعادن، والنبات، والحيوان، والآثار العلوية والسّفلية، ولا يعلم تفاصيلها إلا الله تعالى.
وثانيها: اختلاف بقاع الأرض، فمنها أرض رخوة، وصلبة، ورملة، وسبخة، وحرّة، قال تعالى: {وَفِي الأرض قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ} [الرعد: ٤] .
وقال تعالى: {والبلد الطيب يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ والذي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَاّ نَكِداً} [الأعراف: ٥٨] .
وثالثها: اختلاف طعمها وروائحها.
ورابعها: اختلاف ألوانها فأحمر، وأبيض، وأسود، ورمادي، وأغبر، قال تعالى: {وَمِنَ الجبال جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر: ٢٧] .
وخامسها: انصداعها بالنبات، قال تعالى: {والأرض ذَاتِ الصدع} [الطارق: ١٢] .
وسادسها: كونها خازنةً للماء المنزل، قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض} [المؤمنون: ١٨] .
وسابعها: العيون والأنهار العظام.
وثامنها: ما فيها من المَفَاوِزِ والفَلَواتِ {والأرض مَدَدْنَاهَا} [ق: ٧] .
وتاسعها: أن لها طبع الكرم؛ لأنك تدفع إليها حبّة وهي تردها عليك سبعمائة {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: ٢٦١] .
وعاشرها: حَبَاتها بعد موتها {وَآيَةٌ لَّهُمُ الأرض الميتة أَحْيَيْنَاهَا} [يس: ٣٣] .
الحادي عشر: ما فيها من الدَّواب المختلفة الألوان والصّور والخلق، {وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ} [البقرة: ١٦٤] .
الثانية عشرة: ما فيها من النبات المختلف ألوانه، وأنواعه، ومنافعه: {وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [ق: ٧] .
وفي اختلاف ألوانها دلالة، واختلاف روائحها دلالة، فمنها قوت البشر، ومنها