للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وبَيَان أن لا عُذْر ألْبَتَّة في تركه، ولو كان فِعْل العَبْد، بخلق الله - تعالى -، لبطل هذا الكلام؛ لأن من أعْظَم العُذْر أنَّ الله ما خَلَقَهُ وما أرادَهُ، وما قَضَى به، وجوابُه مذكورٌ.

قوله: «والمستضعفين» فيه ثلاثة أوجه:

أظهرها: أنه مَجْرورُ عطفاً [على اسْمِ الله، أي: وفي سَبيلِ المُسْتَضْعَفين.

والثاني: وإليه ذَهَبَ الزجاج والمَبرِّد أن يكون مَجْرُوراً عطفاً] على نَفْسِ «سَبِيل» . قال أبو البَقَاء بعد أن حَكَاهُ عن المُبَرِّد وحده: لأن سَبِيل الله عامٌّ في كل خير؛ وخلاص المُسْتَضْعَفِين من المسْلِمِين من أيدي الكُفَّار من أعْظَم الخيور. والجُمْهُورُ على: «والمستضعفين» بواو العَطْفِ.

وقرأ ابن شهاب: «في سبيل الله المستضعفين» وفيها تخريجان:

أحدهما: أن يكُونَ حَرْفُ العَطْفِ مقدراً؛ كقولهم: «أكلت لَحْمَاً تَمْراً سَمَكاً» .

والثاني: أن يكونَ بَدَلاً من «سبيل الله» أي: في سَبِيل الله سبيلِ المُسْتضْعَفِين؛ لأنَّ سَبِيلَهم سَبِيلُ الله - تعالى -.

قوله: {مِنَ الرجال} فيه وجهان:

أحدهما: أنه حالٌ من المُسْتضْعَفين.

والثاني: أن «مِنْ» لِبَيَان الجنس، و «الولدان» : قيل: جَمْع «وليد» ؛ وهم المُسْلِمُون الَّذِين بَقُوا بمكَّة لصدِّ المُشْرِكين، أو ضعفهم عن الهَجْرَة مستنزلين ممتنعين.

انتهى بيضاوي.

فيكون المُرَاد بهم: العَبيد والإماءُ؛ لأن العَبْدَ والأمَةَ يقال لَهُما: الوَلِيدُ والوليدَةُ، وجمعهما: الوِلْدَان والوَلائِد، إلا أنَّه ههنا غلَّب الذكور، ويكون المُرادُ بالرِّجَال والنِّسَاء: الأحْرار، والحَرَائِر.

وقيل: جَمْع وَلَد؛ كَوَرَل ووِرْلان وحَربٌ وحَرْبَان والمُرَاد بهم: الصِّبْيَان، [وقيل: العبيد والأمَاء، يقال للعبد: «وَليدٌ» ، وللامة: «وليدَةٌ» ، فغلَّب المُذكَّر على المُؤنَّث؛ اندراجه فيه] .

<<  <  ج: ص:  >  >>