وثانيهما: الجار والمجرور قبله، هو واجب التقديم، و «أنداداً» جمع نِدّ.
وقال أبو البقاء: «أنداداً» جمع «نِدّ» و «نديد» ، وفي جعله «نديد» نظر؛ لأنّ أفعالاً يحفظ في فعيل بمعنى فاعل، نحو: شريف وأشراف، ولا يقاس عليه.
فإن قيل: بم تعلّق قوله: «فلا تجعلوا» ؟
فالجواب فيه وجوه:
أحدها: أن يتعلّق بالأمر أي: اعبدوا، ولا تجعلوا لله أنداداً، فإن أصل العبادة التوحيد.
وثانيها: ب «لعل» على أن ينتصب ب «تجعلوا» انتصاب «فَاطَّلِع» في قراءة حَفْصٍ.
قال الزمخشري: والمعنى خلقكم لكي تتقوا، وتخافوا عقابه فلا تثبتوا له ندًّا، فإنه من أعظم موجبات العقاب، فعلى هذا تكون «لا» نافية، والفعل بعدها منصوب بإضمار «أن» في جواب الترجي، وهذا لا يجيزه البصريون، وسيأتي تأويل «فَاطَّلِعَ» ، ونظائِرِه في موضعه إنْ شَاءَ الله تعالى.
وثالثها: بقوله: {الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض فِرَاشاً}
إذا جعلت «الذي» خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الذي خلق لكم هذه الدلائل الباهرة فلا تتخذوا له شريكاً.
و «النِّدُّ» المقاوم المُضاهي، سواءٌ كان مِثْلاً، أو ضدًّا، أو خلافاً.
وقيل: هو الضِّدُّ عن أبي عُبَيْدة.
وقيل: الكُفْء والمِثْلُ؛ قَال حَسَّان: [الوافر]
٢٨٢ - أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِنِدٍّ ... فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ
أي: «وَلَسْتُ لَهُ بِكُفْءٍ» .
وقد رُوِيَ ذلك؛ وقال آخر: [الرمل]
٢٨٣ - نَحْمَدُ اللهَ وَلَا نِدَّ لَهُ ... عِنْدَهُ الخَيْرَ وَمَا شاءَ فَعَلْ