للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والكسائي: بإشمامها زاياً، وهكذا كلُّ صَادٍ ساكِنَةٍ بعدها دالٌ، نحو: «تصدقون» و «تصدية» ، وهذا كما فعل حَمْزَة في {الصراط} [الفاتحة: ٦] و {لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ} [الغاشية: ٢٢] ، للمجانسة قصد الخِفَّةِ.

فصل

قوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله حَدِيثاً} أي: قولاً ووَعْداً، وهذا اسْتِفْهَام على سبيل الإنْكَار، والنَقْصُود منه: وجُوب كَوْنه - تعالى - صادقاً، وأن الكَذِب والخُلْفَ في قوله مُحَالٌ.

قال ابن الخَطِيب: ظاهر الآيةِ يدُلُّ على أنَّه - تعالى - أثْبَت أن القِيَامة ستُوجَد لا مَحَالَة، وجعل الدَّلِيل على ذلك مُجَرَّد إخْبَار الله - تعالى - عنه، وهذا حَقٌّ؛ لأن المَسَائل الأصُولِيَّة على قِسْمَين: منها ما العلم بِصِحَّة النبُوَّة يَحْتَاج إلى العِلْم بِصِحَّتِه، ومنها ما لا يكُون كَذَلِك.

فالأوَّل: مثل عِلْمَنا بافتقار العَالِم إلى صَانِعِ عالم بالمَعْلُومَات قادرٍ على كل الممُكِنَات، فإنَّا ما لم نَعْلَم ذلك، لا يمكننا العِلْمُ بصدقِ الأنْبِيَاء، فكل مَسْألة، هذا شَأنُها، فإنه يَمْتَنِعُ إثباتُها بالقُرْآن وإخْبار الأنْبِيَاءِ - عليهم الصلاة والسلام - وإلا وقع الدَّوْر.

وأما القسم الثَّاني: وهو جملة المَسَائِل التي لا يَتَوَقَّف العِلْم بِصَحَّة النُّبُوَّة على العِلْم بصحَّتِها، فكل ذلك مِمَّا يمكن إثْبَاتُه بالقُرْآنِ وبكلام الله - تعالى -، فثبت أن الاستدلالَ على قِيَامِ القِيَامَةِ بإخْبَار الله - تعالى - عنه اسْتِدلال صَحِيحٌ. انتهى.

فصل

استدلت المُعْتَزِلَة بهذه الآية على أنَّ كلام الله - تعالى - مُحْدَثٌ، قالوا: لأنَّهُ تعالى وَصَفَهُ بكونه حَدِيثاً في هذه الآيَةِ وفي قَوْله - تعالى -: {الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث كِتَاباً} [الزمر: ٢٣] ، والحديث: هو الحَادِثُ والمُحْدِث.

والجواب: أنكم تَحْكُمُون بحدُوثِ الكلام الذي هو الحَرْف والصَّوْت، ونحن لا نُنَازعُ في حُدُوثِهِ، إنما [الَّذِي] نَدَّعِي قدمه شَيْء آخَر غير هذه الحُرُوف والأصْوَات،

<<  <  ج: ص:  >  >>