وثالثها: أن المُؤمِن إذا اتَّفق له مِثْل هذا الخَطِأ، فإنه يَنْدَم ويتمنَّى ألَاّ يكون ذلك ممَّا وقَع، فسمَّى الله ذلك النَّدم والتَّمنِّي تَوْبَة.
ثم قال - تعالى -: {وَكَانَ الله عَلِيماً} بأنَّه لن يقْصِد «خطأ» لما حَكَم بِهِ عَلَيْه، ولم يؤاخِذُهُ بذلك الفَعْل الخَطَأ، فإن الحَكْمَة تقتضي ألاّ يُؤاخذ الإنْسَان إلا بما يَتَعَمَّد.
قال أهل السُّنَّة: أفعال الله - تعالى - غير معلَّلَةٍ برعاية المَصَالِحِ، ومعنى كونه «حكيماً» : كونه عَالِماً بعواقِبِ الأمُور.
قال المعتزلة: هذا باطِلٌ؛ لأنه - تعالى - عطف الحَكيم على العَلِيم، فَلَو كان الحَكِيم هو العَليم، لكان عَطْفَاً للشَّيْء على نَفْسِه، وهو مُحَالٌ.
الجواب: أن كل موضع في القُرْآن [ورد فيه] الحكِيم معْطُوفاً على العَلِيم - كان المُراد من الحَكِيم: كونه مُحْكَماً في الفِعْل، فالإتقان، والإحْكَام، عائدٌ إلى كيفيَّة الفعلِ.