وأما الوجه الثاني: فهو في غَايَة الفَسَادِ؛ لأن الوعيدَ قَسْمٌ من أقْسَام الخَبَر، فإذا جَوَّزْنا الخُلْف فيه على الله، فقد جَوَّزْنا الكَذِب على الله - تعالى - يوصِلُ هذا الجَزَاءَ إلَيْه أم لا، وقد يقُول الرَّجُل لعَبْدِه: جزاؤُكَ أن أفْعَلَ بك كَذَا وكَذَا، إلا أنِّي لا أفعَلُ، وهذا الجوابُ أيضاً ضَعِيفٌ، لأنَّه ثبت بهذه الآيةِ أن جزاء القَتْل العَمْد هو ما ذُكِر، وثبت بسَائر الآيَاتِ أنه - تعالى - يوصل الجَزَاء إلى المسَحِقِّين؛ قال - تعالى -:
قال ابن الخطيب: واعلم أنّا نَقُول [أن] هذه الآيَة مَخْصُوصة في مَوْضِعَيْن:
أحدهما: أن يكون القَتْل [العَمْد] غير عُدْوان؛ كما في القِصَاص، فإنه لا يَحْصُل فيه هذا الوعِيد ألْبَتَّة.
والثاني: القتل العَمْد العثدْوَان إذا تَاب عنه لا يَحْصُل فيه هذا الوعيد، وإذا ثبت دُخُول التَّخْصِيص فيه في هاتني الصُّورتَيْن فيدخُلُه التَّخْصيص فيما إذا حَصَل العفو فيه؛ بدليل قوله:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ}[النساء: ٤٨] .