للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المقرَّرة، فلذلك اخْتِير الأوّل؛ ومثله: [الرمل]

١٨٦٦ - وَإذا أقْرِضْتَ قَرْضَاً فَاجْزِهِ ... إنَّمَا يَجْزِي الْفَتَى غَيْرُ الْجَمَلْ

برفع «غير» كذا ذكره أبو عَلِيّ، والرِّوَاية: «لَيْسَ الجَمَلْ» عند غَيْره.

وقال الزَّجَّاج: ويجُوزُ أن يكُون «غير» رفعاً على جِهَة الاستِثْنَاءِ، والمعنى: لا يَسْتَوِي القَاعِدُون من المُؤمنين والمُجَاهِدُون، إلا أولي الضَّرَر فإنَّهم يساوون المُجَاهِدِين، أي: الذين أقعدهم عن الجِهَاد الضَّرر، والكَلامُ في رفع المُسْتَثْنَى بعد النفي قد تقدم عِند قوله: {مَّا فَعَلُوهُ إِلَاّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ} [النساء: ٦٦] .

والنَّصْب على [أحد] ثلاثة أوْجُه:

[الأوّل] : النَّصْبُ على الاستِثْنَاء من «القاعدون» [وهو الأظهر؛ لأنه المحدَّثُ عَنْهُ، والمعنى: لا يَسْتَوِي القَاعِدُون] إلا أولِي الضَّرَر، وهو اخْتِيَار الأخْفَش.

والثاني: من «المؤمنين» وليس بِوَاضِح.

والثالث: على الحَالَ من «القاعدون» [والمعنى: لا يستوي القاعدون] في حَالِ صِحَّتهم والمُجَاهِدون؛ كما يُقَال: جاءَني زيد غير مَرِيضٍ، أيك جاءني زَيْد صَحِيحاً، قاله الزَّجَّاج والفراَّء؛ وهو كقوله: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنعام إِلَاّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصيد} [المائدة: ١] .

والجرُّ على الصفَة للمؤمنين وتأويله كما تقدم في وجه الرفع على الصفة.

قال الأخْفَش القراءة بالنَّصْب على الاستثنَاء أوْلَى؛ لأن المَقْصُود منه استِثْنَاء قوم لم يَقْدرُوا على الخُروج؛ كما روي في التَّفْسير أنه لما ذكر الله - تعالى - فضيلة المُجَاهِدِين، جاء قَوْمٌ من أولي الضرر، فقالوا للنَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: حالتنا كما تَرَى، ونحن نَشْتَهِي الجَهِاد، فهل لنا من طَرِيقٍ؟ فنزل {غَيْرُ أُوْلِي الضرر} فاستثناهم الله - تعالى -.

وقال آخرون: القِرَاءة بالرَّفع أولى؛ لأن الأصْل في كلمة «غَيْر» أن تكون صفة، كانت القراءة بالرَّفْع أوْلَى. فالضَّرر النُّقْصَان، سواء كان بالعَمَى أو العَرَج أو المَرَض، أو بسبب عَدَمِ الأهْبَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>