قال ابن الخَطِيب: والأولى أن يكون الجَوَاب ما تَقَدَّم من أن الإنْسَان لشدة نُفْرَته عن مُفارقَة الوَطَن، رُبًَما ظَنَّ نَفْسَه عَاجِزاً عنها مع أنه لا يَكُون كَذَلِكَ، فلهذا المَعْنَى ذكر العَفْوَ بكلمة «عَسَى» لا بالكَلِمَة الدَّالَّة على القَطْع.
قال المفَسِّرُون:«وكلمة» عَسَى «من الله وَاجِبٌ؛ لأنه للأطْمَاع، والله - تعالى - إذا أطْمَعَ عَبْدَه أوْصَلَه إليه.
ثم قال:» وكان الله غفوراً رحيماً «.
ذكر الزَّجَّاج في كان ثلاثة أوجه:
الأول:» كان «قَبْلَ أن خلق الخَلْق مَوْصُوفَاً بِهَذِه الصِّفَةِ.
الثاني: كان مع جَمِيع العِبَاد بِهذه الصِّفَة، والمقصود بَيَان أن هذا عَادَة الله أجْرَاهَا في حَقِّ خلقه.
الثالث: أنه - تعالى - لو قال:» عفو غفور «كان هذا إخْبَارَاً عن كَوْنِهِ كذلك فقط، ولمَّا قال: إنَّه كان كَذَلِكَ، فهذا إخْبَار وقع بِخَبَرِه على وَقْفِهِ، فكان ذلك أدلَّ على كونه صِدْقاً [وحَقّاً] ومُبَرَّأ عن الكَذِب.
وقال ابن عباس: كُنْتُ أنا وأمِّي ممن عَذَرَ اللهُ [يعني] : من المستضَعْفَيِن، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يدْعُو لهؤلاءِ المسْتَضْعَفين.
روى أبو هُرَيْرَة؛ قال كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذا فقال: سَمِع الله لِمَنْ حَمِدَه في الرُّكْعَة الأخيرة [من صَلَاةِ العِشَاء] قنت: اللَّهمُ أنْجِ عيَّاش بن أبي رَبِيعَة، اللَّهُم أنْجِ الوليدَ بن الوليدَ، اللَّهُمَّ أنْج المستَضْعَفين من المؤمنين، اللهم اشْدُدْ وطْأتَكَ على مُضَر، اللهم اجْعَلْهَا عليهم سِنين كسِنِي يُوسُف.