رَكْعَتَيْن، وبين المَدِينَة وذي الحُلَيْفَة سِتَّة أمْيالٍ، أو سَبْعَة.
فصل
وعلى المَسَافِر أن يَنْوِي القَصْرَ حين الإحْرَام، فإن افْتَتَحَ الصَّلاة بنيَّة القصر، ثُمَّ عزم على المُقَام في أثناء الصَّلاة، جعلها نَافِلَةً، فإن كان ذَلِكَ بَعْدَ أنْ صَلَّى منها رَكْعَةً [واحِدَة] ، أضَاف إليها أخْرى [وسلَّم] ثم صلى صلاة مُقِيم، وقال الأبْهَرِيّ، وابن الجَلَاّب: هذا - والله أعْلم - اسْتِحْبَابٌ، ولو بَنَى على صَلَاتِه وأتمّها، أجْزأتْهُ.
قوله:{إِنَّ الكافرين كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً}[و] المعنى: إن العدَاوَةَ بَيْنَكُم وبَيْنَ الكَافِرين قَديمَةٌ، والآن قد أظْهَرْتُم خلافَهُم في الدِّين فازْدَادَت عَدَاوتُهم لَكُم، فمن شِدَّة العَدَاوة، حارَبُوكم وقَصَدُوا إتلافكُم إن قَدَرُوا، فإن طَالَتْ صَلاتُكُم، فرُبَّمَا وَجَدُوا الفُرْصَة في قَتْلِكُ؛ فلهذا رَخَّصْتُ لَكُم في قَصْر الصَّلاة.
قوله «لكم» متعلّقٌ بمَحْذُوف: لأنه حالٌ من «عَدُوّاٍ» ، فإنه في الأصْل صِفَةُ نَكِرَةٍ، ثم قُدِّم عَلَيْها، وأجاز أبُو البَقَاء أن يتعلَّق ب «كَان» ، [وفي المِسْألة] كَلَامٌ مرٍّ تَفْصِيلُه. وأفْرد «عَدُوّاً: وإن كَانَ المُرَادُ به الجَمْعَ لأنَّ العدُوَّ يسْتَوِي فيه الوَاحِد والجمع؛ قال - تعالى -: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي}[الشعراء: ٧٧] وقد تقدّم تَحْقِيقُه في البَقَرة.
فصل في معنى الآية
قوله:{إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كفروا} متَّصِل بما بَعْدَه من صَلَاةِ الخَوْفِ، منفصل عَمَّا قَبْلَه، رُوِيَ عن أبي أيُّوبٍ الأنْصَارِي، أنَّه قال: نَزل قَوْلُه: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصلاة} هذا القَدْر، ثمَّ بعد حَوْلٍ سألُوا رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن صَلَاةِ الخَوْفِ؛ فنزل:» إن خفتم «أي: وإن خِفْتُم» أن يفتنكم الَّذِينَ كَفَرُوا إنَّ الكَافِرِينَ كَانُوا لكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً، وإذا كنت فيهم «.
ومثله في القُرْآن كَثِيرٌ [أن] يجيء الخبر بِتَمَامِه، ثم يُنسق عَلَيْه خبرٌ آخًر، وهو في الظَّاهِر كالمُتَّصِل به، وهو مُنْفَصِلٌ عنه؛ كقوله - تعالى -: {الآن حَصْحَصَ الحق أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصادقين}[يوسف: ٥١] هذه حكاية عن امْرَأة العَزِيز، وقوله:{ذلك لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بالغيب}[يوسف: ٥٢] ، إخبارٌ عن يُوسُف - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -.