للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السِّلاح ما لا يَشَعلُهُم عن الصَّلاة؛ كالسَّيْف والخنجَر؛ لأن ذلك أقْرَب إلى الإحْتِيَاط، وأمْنَع للعدُوِّ من الإقْدَام عَلَيْهِم، وإن كان لِغَيْر المُصَلِّين، فلا كَلَامَ.

واحتار الزَّجَّاج عَوْدَه على الجَميع، قال: «لأنه أهيْيَب للعَدُوَِّ» . والسِّلاح: ما يُقَاتَل به، وجمعه أسْلِحَة وهو مُذكَّر، وقد يُؤنَّث باعْتِبَار الشَّوْكَة، قال الطِّرمَّاحُ: [الطويل]

١٨٧٦ - يَهُزُّ سِلاحاً لَمْ يَرِثْهَا كَلَالَةً ... يشُكُّ بِهَا مِنْهَا غُمُوضَ المَغَابِنِ

فأعاد الضَّمير عليه كَضَمير المؤنِّثة، ويقال: سلاح كحِمَار، وسِلْخٌ كضِلْع، وسُلَح كصُرَد، وسُلْحَان كسُلَطَان؛ نقله أبو بكر دُرَيْد. والسَّلِيحُ: نبت إذا رَعَتْه الإبل، سَمِنَتْ وغَزُرَ لبنُها، وما يُلْقِيه البَعِيرُ من جَوْفِه، يقال له: «سُلاحٌ» بزنة غُلام، ثم عُبِّر عن كُلِّ عَذِرة، حتى قيل في الحُبَارَى، «سِلاحُه [سُلاحُه] »

ثم قال - تعالى -: {فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ} يعني: غير المُصَلِّين من وَرَائِكُم يَحْرُسُونكم يريد: مكان الَّذِين هم تجاه العَدُو، ثم قال -[تعالى]-: {وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أخرى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ} وهم الَّّذِين كانُوا في تجاه العَدُوِّ، وقرأ أبو حَيْوة: «وليأتِ» بناء على تذكيرِ الطَّائِفَةِ، ورُوِيَ عن أبِي عَمْرو: الإظْهَارُ والإدْغَامُ في «ولتأتِ طَائَفَةٌ» .

قوله: «لم يصلوا» الجُمْلة في محلِّ رَفْع؛ لأنها [صفة ل «طَائِفة» بعد صِفَةٍ، ويجُوز أن يكُون في مَحَل نَصْب على الحَال؛ لأن النَّكِرَة] قَبْلَهَا تخصَّصت بالوَصْفِ بِأخْرى. ثم قال {وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} والمعْنَى: أنه - تعالى - جعل الحَذَر: الَّذِي هو التحذُّر والتَّيَقُّظ آلة يِسْتَعْمِلُهَا الغازي؛ فَلِذَلِكَ جمع بينَه وبين الإسْلِحَةِ في الأخْذِ؛ وجُعِلَا مأخُوذَيْن، وهذا مَجَازٌ؛ كقوله: {تَبَوَّءُوا الدار والإيمان} [الحشر: ٩] في أحَد الأوْجُه.

قال الوَاحِدِيِ: رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى: وفيه رُخْصَة للخَائِفِ في الصَّلاة، بأن يَجْعَل بَعْضَ فكْره في غَيْرِ الصَّلاةِ.

فإن قيل: لِمَ ذَكَرَ في الآيَةِ الأولى: «أسْلِحَتُهم» فقط، وفي هذه الآيَة ذكر «حِذْرَهُم وأسلحتهم» ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>