للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفي قوله: {نَزَّلْنَا} التفات من الغيبة إلى التكلّم؛ لأن قبله: {اعبدوا رَبَّكُمُ} [البقرة: ٢١] جاء الكلام عليه لقيل:» مما نزّل عَلَى عَبْدِهِ «ولكن التفت للتفخيم.

و» عَلَى عَبْدِنَا «متعلّق ب» نَزَّلْنَا «وعُدِّي ب» على «لإفادتها الاستعلاء، كأن المنزل تمكّن من المنزول عليه ولبسه، ولهذا جاء أكثر القرآن بالتعدّي بها دون» إلى «فإنها تمكّن من المنزول عليه ولبسه، ولهذا جاء أكثر القرآن بالتعدّي بها دون» إلى «فإنها تفيد الانتهاء والوصول فقط، والإضافة في» عبدنا «تفيد التشريف؛ كقوله: [السريع]

٢٨٨ - يَا قَوْمِ قَلْبي عِنْدَ زَهْرَاءِ ... يَعْرِفُهُ السَّامِعُ وَالرَّائِي

لَا تَدْعُنِي إلَاّ بِيَا عَبْدَهَا ... فَإِنَّهُ أَشْرَفُ أَسْمَائِي

وقرئ «عبادنا» فقيل: المراد النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - وأمته؛ لأن جدوى المنزل حاصل لهم.

وقيل: المراد بهم جميع الأنبياء عليهم السلام.

والعبد: مأخوذ من التعبد، وهو التذلل؛ قال طَرَفَةُ: [الطويل]

٢٨٩ - إِلَى اَنْ تَحَامَتْنِي العَشِيرَةُ كُلُّهَا ... وأُفْرِدْتُ إِفْرَادَ البَعِيرِ المُعَبَّدِ

أي: المذلَّل.

ولما كانت العبادة أشرف الخصال والتسمّي بها أشرف الخطط سمَّى نبيه عبداً.

قوله: {فَأْتُواْ بِسُورَةٍ} جواب الشرط، والفاء هنا واجبة؛ لن ما بعدها لا يصحّ أن يكون شرطاً بنفسه، واصل «فأتوا» «إأْتِيُوا» مثل: اضربوا، فلهمزة الأولى همزة وصل أُتي بها للابتداء بالسَّاكن، والثَّانية فاء الكلمة، فلما اجتمع همزتان، وجب قلب ثانيهما ياءً على حَدِّ «إيمان» وبابه، واستثقلت «الضمة» على «الياء» التي هي «لام» الكلمة فقدرت، فسكنت «الياءط وبهدها طواو» الضمير ساكنة، فحذف «الياء» لالتقاء ساكنين، وضُمّت «التاء» للتجانُسِ، فوزن «ايتوا» : «افعوا» ، وهذه الهمزة إنما يحتاج إليها ابتداءً، أما في الدَّرْج فإنه يُسْتَغْنَى عنها، وتعودُ الهمزةُ اليت هي «فاءُ» الكلمة؛ لأنّها إنّما قُلِبَتْ ياءً للكسرِ الذي كان قبلها، وقد زال نحو: «فأتوا» وبابه، وقد تحذف الهمزة التي هي «فاء» الكلمة في الأمر كقوله: [الطويل]

٢٩٠ - فَإِنْ نَحْنُ لَمْ نَنْهَضْ لَكُمْ فَنَبَرَّكُمْ ... فَتُونَا فَعَادُونَا إذاً بالجَرَائِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>