للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

واعلم: أن «لَيْسَ» فعْلٌ، فلا بد من اسْمٍ يكون هو مُسْنداً إليه، وفيه خلافٌ:

فقيل: يَعُود ضَمِيرُها على مَلْفُوظٍ به، وقيل: يَعُود على ما دَلَّ عليه اللَّفْظُ من الفِعْل وقيل: يَدُلُّ عليه سَبَبُ الآيَةِ.

فأمَّا عَودْهُ على مَلْفُوظٍ بِهِ فقيل: هو الوَعْدُ المتقدِّم في قوله: «وعد الله» وهذا اختيار الزَّمَخْشَرِي؛ قال: «في لَيْس ضَمِيرُ وعدِ الله أي: لَيْس يُنالُ ما وعد الله من الثَّواب بأمانِيِّكم ولا بأمَاني أهل الكِتَابِ، والخطابُ للمُسْلِمين؛ لأنَّه لا يُؤمن بوعِد الله إلا مَنْ آمَن بِهِ» .

وأمَّا عَوْدُه على ما يَدُلُّ عليه اللَّفْظ، فقيل: هو الإيمان المَفْهُومُ من قوله: «والذين آمنوا» وهو قولُ الحسن، وعنه: «ليس الإيمانُ بالتَّمَنِّي» .

وأمَّا عودُه على ما يَدُلُّ عليه السَببُ، فقيل: يعودُ على مُجَاوَرةِ المُسْلِمين مع أهلِ الكِتَابِ، وذلك أنَّ بعضهم قال: «دينُنا قبل دينِكُم، ونبيُّنَا قبل نَبيِّكم؛ فنحن أفضلُ» ، وقال المُسْلِمُون: «كتابُنا يَقْضِي على كِتابِكم، ونبينا خَاتَمُ الأنْبِياء» فنزلت.

وقيل: يعودُ على الثَّوابِ والعِقَاب، أي: ليس الثَّوَابُ على الحَسَنَاتِ، ولا العقابُ على السيّئات بأمانيكم.

وقيل: قالت اليهودُ {نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: ١٨] ، ونحن أصْحَاب الجَنَّة، وكذلك النَّصَارى، وقالت كُفَّار قُرَيْش: لا نُبْعَثُ؛ فنزلت، أي: ليس ما ادَّعَيْتُمُوه يا كُفَّارَ قريش بأمانيِّكم.

وقرأ الحسن، وأبُو جَعْفَر، وشَيْبةُ بن نصاح، والحَكَم، والأعْرَج: «أمانيكم» ، «ولا أمَانِي» بالتَّخْفِيف كأنَّهم جَمَعُوه على فَعَالِل دون فَعَالِيل؛ كما قالوا: قَرْقُور وقراقير وقراقِر، والعرب تُنْقِصُ من فَعَالِيل اليَاء، كما تزيدُها في فَعَالِل، نَحْو قوله:

١٨٨١ - ... ... ... ... ... ... ... ... ... . ..... ... ... ... ... . تَنْقادَ الصَّيَارِيفِ

فصل

قال مَسْرُوق، وقتادة، والضَّحَّاك: أراد: ليس بأمَانِيِّكم أيها المُسْلِمُون ولا أمَانيِّ أهل الكِتَاب، يعني: اليَهُودَ والنَّصارى؛ وذلك أنَّهم افْتَخَرُوا، فقال أهْلُ الكتاب: نَبِيُّنَا قَبْل نبِيِّكُم، وكِتَابُنَا قبل كِتَابِكُم، فنحن أوْلَى باللَّه مِنْكُم.

وقال المُسْلِمُون: نبينا خاتمُ الأنْبِيَاء، وكتابُنَا يَقْضِي على الكُتُب وقد آمَنَّا بكتابِكُم، ولم تُؤمنوا بِكتابِنَا؛ فنحن أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>