للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بتشديد الصَّاد بعدها ألف، وقرأ عثمان البتي والجَحْدَري: «يَصَّلِحا» بتشديد الصَّاد من غَيْر ألفٍ، وعبيدة السَّلَمَانِيّ: «يُصالِحا» بضمِّ الياءِ، وتخفيفِ الصَّادِ، وبعدَها ألفٌ من المُفَاعَلَة، وابن مَسْعُود، والأعْمش: «أن اصَّالحا» .

فأمّا قراءةُ الكوفيين فَوَاضِحَةٌ.

وقراءةُ باقي السَّبْعَة، أصلُهَا: «يتصالحا» ، فأُريد الإدْغَام تَخْفِيفاً؛ فأبْدِلت التَّاءُ صاداً وأدْغِمت، كقوله: «ادّاركوا» . وأمَّا قراءةُ عُثْمَان، فأصلُها: «يَصْطَلِحا» فَخُفِّفَ بإبْدَالِ الطَّاء المُبْدَلةِ من تاءِ الافْتِعَال صَاداً، وإدغامها فيما بَعْدَها.

وقال أبو البقاء: «وأصله:» يَصْتَلِحا «فأبْدِلت التاء صَاداً وأدْغِمت فيها الأولَى» وهذا ليس بِجَيِّدٍ، لأنَّ تاءَ الافْتِعَال يجبُ قَلْبُها طاءً بعد الأحْرُف الأرْبَعَة؛ كما تقدَّم تَحْقِيقُه في البَقرة، فلا حَاجَة إلى تَقْديرهَا تاءً؛ لأنه لو لُفِظ بالفِعْلِ مظهراً لم يُلْفظ فيه بالتَّاء إلا بَياناً لأصْلِه.

وأمَّا قراءةُ عُبَيْدة فواضحةٌ؛ لأنها من المُصَالَحة.

وأما قِرَاءة: «يَصْطَلِحَا» فأوضحُ، ولم يُخْتَلَفْ في «صُلْحاً» مع اختلافِهِم في فِعْلِهِ.

وفي نصبه أوجهٌ:

فإنه على قِرَاءة الكوفيين: يَحْتمل أن يكُونَ مَصْدَراً، وناصبُه: إمَّا الفِعْلُ المتقدِّمُ وهو مَصْدَرٌ على حَذْف الزَّوَائِد، وبعضُهم يعبِّر عنه بأنه اسْمُ مَصْدرٍ كالعَطَاءِ والنَّبَات، وإمَّا فِعْلٌ مقدرٌ أي: فيُصْلِحُ حَالَهُما صُلْحاً. وفي المَفْعُولِ على هذين التَّقْدِيرين وَجْهَان:

أحدُهما: أنه «بَيْنَهُمَا» اتُسِّع في الظَّرْف فجُعِل مَفْعُولاً به.

والثاني: أنه مَحْذُوف و «بينهما» ظرفٌ أو حَالٌ مِنْ «صلحاً» فإنه صِفةٌ له في الأصْلِ، ويُحْتمل أن يكُونَ نصبُ «صُلْحاً» على المَفْعُول به، إن جَعَلته اسماً للشيء المُصْطَلح عليه؛ كالعَطَاء بِمَعْنَى: المُعْطى، والثبات بِمَعْنَى: المُثْبَت.

وأمَّا على بقيةِ القِراءاتِ: فيجوزُ أنْ يكونَ مَصْدَراً على أحدِ التَّقْديرين المتقدمين: أعني: كونَه اسمَ المصدرِ، أو كونَه على حَذْفِ الزَّوَائِد، فيكون وَاقِعاً موقع «تَصَالَحَا، أو اصْطِلَاحاً، أو مصالحةً» حَسْبَ القِرَاءات المتقدِّمة، ويجوزُ أنْ يكون مَنْصُوباً على إسْقَاطِ حرفِ الجَرِّ، أي: بصُلْحِ، أي: بشيء يَقعُ بسببِ المُصَالَحة، إذا جَعَلْناه اسْماً للشَّيْءِ المُصْطَلَح عليه.

والحاصلُ أنه في بَقِيَّة القراءات يَنْتَفي عنه وَجْهُ المَفْعُولِ به المَذْكُورِ في قِرَاءة

<<  <  ج: ص:  >  >>