للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} وقد تقدَّم الاسْتِدْلَال على أنَّ صَاحِب الكَبِيرَةِ مُؤمِنٌ.

فصل

قالت المُعْتَزِلَة: دَلَّت هذه الآيةُ على أنَّه - سبحانه [وتعالى]- ما خَلَق خَلْقاً ابْتِدَاءً لأجْلِ التَّعْذِيب والعِقَابِ؛ لأن قوله: {مَّا يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} صريحٌ في أنَّه - تعالى - لَمْ يَخْلُق أحْداً لِغَرَضِ التَّعْذِيبِ.

ودلَّت أيضاً على أنَّ فاعل الشُّكْرِ والإيمانِ هو العَبْد، وليس ذلك فِعْلاً للَّه تعالى وإلا لَصَار التَّقْدِير: ما يَفْعَلُ اللَّه بعذَابِكُم بعد أن خَلَقَ الشُّكْرَ والإيمَانَ فِيكُم، وذلك غير مُنْتَظِم.

وتقدَّم الجوابُ عن مِثْلِ ذلك. ثم قال {وَكَانَ الله شَاكِراً عَلِيماً} أمرَهُمْ بالشُّكْرِ، وسَمَّى الجَزَاءَ شُكْراً، على سَبيلِ الاسْتِعَارةِ، فالشُّكْرُ من اللَّهِ هو الرِّضَا بالقَلِيلِ من عِبَادِهِ، وإضْعَافِ الثَّوَابِ عَلَيْه، والشُّكْر من العَبْدِ الطَّاعَة، والمُراد من كونه عَلِيماً: أنَّهُ عَالِمٌ بِجَميع الجُزْئيَّات، فلا يَقَعُ لَهُ الغَلَطُ ألْبَتَّة، فلا جَرَمَ يُوصلُ الثَّوَابَ إلى الشَّاكِرِ، والعِقَابَ إلى المُعرِضِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>