للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل: لا يحب الله الجهر بالسوء ولا غير الجهر

قال العُلَمَاء: إنه - تعالى - لا يُحِبُّ الجَهْرَ بالسُّوءِ من القَوْلِ ولا غَيْر الجَهْر، وإنما ذكر هذا الوصف؛ لأن كيفيَّة الواقِعَة أوْجَبَتْ ذلك؛ كقوله - تعالى -: {إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُواْ} [النساء: ٩٤] والتَّبَيُّن واجِبٌ في الظَّعْنِ والإقَامَة، فكذا هَهُنَا.

فصل شبهة المعتزلة وردها

قالت المعتزلةُ: دلت الآيةُ على أنَّهُ لا يُرِيدُ من عِبَادِهِ فِعْلَ القَبَائِحِ ولا يَخْلُقُها؛ لأن مَحَبَّة الله عِبَارةٌ عن إرادته، فلما قال: {لَاّ يُحِبُّ الله الجهر بالسواء مِنَ القول} . علمنا أنه لا يُرِيدُ ذلك، وأيْضاً لو كَانَ خَالِقاً لأفْعَالِ العِبَادِ، لكان مُرِيداً لَهَا؛ ولو كان مُريداً لَهَا، لكان قَدْ أحَبَّ إيجَادَ الجَهْرِ بالسُّوءِ من القَوْلِ، وهو خِلَافُ الآيَةِ.

والجواب: المَحبَّة عِبَارَةٌ عن إعْطَاء الثَّوَابِ على القَوْلِ، وعلى هذا يَصِحُّ أن يُقال: إنَّه - تعالى - أرادَهُ ولكِنَّهُ ما أحَبَّهُ.

ثم قال: {وَكَانَ الله سَمِيعاً عَلِيماً} وهو تَحْذِيرٌ من التَّعَدِّي في الجَهْرِ المأذُونِ فيه، يعني: فَلْيتَّقِ اللَّه ولا يَقُل إلَاّ الحقَّ، فإنه سَمِيعٌ لما تقوله، عليم بما تُضْمِرُه، وقيل: سَمِيعٌ لِدُعَاءِ المَظْلُوم، عَلِيمٌ بعِقَابِ الظَّالِمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>