للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إسناديٌّ «. [قال شهاب الدين] وهذا - كما تَرَى - قد أساء العبارة في حق الزمخشريِّ؛ بما زعم أنه غلط، وهو صحيح مستقيم، وليت شعري كيف لا ينتظم الإسنادُ من» أحَد «الموصوفِ بالجملة التي بعده، ومن الجارِّ قبله؟ ونظيرُه أن تقول:» مَا فِي الدَّارِ رَجُلٌ إلَاّ صَالِحٌ «فكما أن» فِي الدَّار «خبر مقدَّم، و» رَجُلٌ «مبتدأ مؤخر، و» إلَاّ صَالِحٌ «صفته، وهو كلامٌ مفيد مستقيمٌ، فكذلك هذا، غايةُ ما في الباب أنَّ» إلَاّ «دخلت على الصفة؛ لتفيدَ الحصْر، وأما ردُّه عليه حيث قال: جملةٌ قسميَّة، وإنما هي جوابُ القسَم، فلا يَحْتاجُ إلى الاعتذار عنه، ويكفيه مثلُ هذه الاعتراضاتِ.

واللام في «ليُؤمِنَنَّ» جوابٌ قسمٍ محذوف، كما تقدَّم. وقال أبو البقاء: «ليُؤمِنَنَّ جواب قسم محذوفٍ، وقيل: أكَّدَ بها في غير القسَم؛ كما جاء في النفي والاستفهام» ، فقوله: «وقيل ... إلى آخره» إنما يستقيم ذلك، إذا أعَدْنا الخلاف إلى نونِ التوكيد؛ لأنَّ نون التوكيد قد عُهِد التأكيدُ بها في الاستفهام باطِّرادٍ، وفي النفي على خلاف فيه، وأما التأكيدُ بلام الابتداء في النفي والاستفهام، فلم يُعْهَد ألبتة، وقال أيضاً قبل ذلك: وما مِنْ أَهْلِ الكتاب أحدٌ، وقيل: المحذوفُ «مَنْ» وقد مرَّ نظيره، إلا أنَّ تقديرَ «مَنْ» هنا بعيدٌ، لأن الاستثناء يكون بعد تمام الاسْمِ، و «مَنْ» الموصولة والموصوفةُ غيرُ تامَّة «، يعني أن بعضهم جعل ذلك المحذوفَ لفظَ» مَنْ «، فيقدِّر: وإنْ مِنْ أهْلِ مَنْ إلَاّ ليُؤمِنَنَّ، فجعلَ موضع» أحَد «لفظ» مَنْ «، وقوله:» وقَدْ مرَّ نظيره «، يعني قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكتاب لَمَن يُؤْمِنُ بالله} [آل عمران: ١٩٩] ومعنى التنظير فيه أنه قد صرَّح بلفظ» من «المقدَّرةِ ههنا.

وقرأ أبَيٌّ:» ليُؤمِنُنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِمْ «بضم النون الأولى مراعاة لمعنى» أحَد «المحذوف، وهو وإن كان لفظه مفرداً، فمعناه جمع، والضمير في» به «لعيسى - عليه السلام -، وقيل: لله تعالى، وقيل: لمحمَّد - عليه السلام -، وفي» مَوْته «لعيسى، ويُروى في التفسير؛ أنه حين ينزل إلى الأرض يُؤمِنُ به كلُّ أحدٍ، حتى تصيرَ المِلّةُ كلُّها إسلامية وهو قَوْلُ قَتادَة، وابن زَيْدٍ وغيرِهِما، وهو اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ.

وقيل: يَعُود على» أحَد «المُقدَّر، أي: لا يَمُوت كِتَابِيٌّ حتى يُؤمن بعيسى قبل مَوْتِهِ عند المُعَايَنَةِ حين لا يَنْفَعُهُ.

ونُقِل عن ابن عَبَّاسٍ ذلك، فقال له عِكْرِمة، أفَرأيْتَ إن خَرَّ بَيْتٌ أو احْتَرَق أو أكَلَهُ سَبُعٌ؟ قال: لا يمُوتُ حَتَّى يُحَرِّكَ بها شَفَتَيْهِ، أي: بالإيمَانِ بعيسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>