واعلم أنَّا إن حَمَلْنَا قوله:«إِنَّ الذينَ» على المَعْهُود السَّابِقِ لم يَحْتَجْ إلى إضْمَارِ شَرْطٍ في هذا الوَعِيد على أقْوَامٍ علِمَ اللَّهُ منْهُمْ أنَّهُم يمُوتُون على الكُفْرِ.
وإنْ حَمَلْنَاهُ على الاسْتِغْرَاقِ، أضَمَرْنَا فيه شَرْطَ عَدَم التَّوْبَةِ.
قوله سبحانه:{وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَاّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ} في هذا الاسْتِثْنَاء قولان:
أحدهما: أنه اسْتِثْنَاء مُتَّصِلٌ، لأن [المُرَادَ] بالطَّرِيق الأوَّلِ: العُمُوم، فالثَّانِي من جِنْسِهِ.
والثاني: انه مُنْقَطِعٌ إن أُريد بالطَّرِيق شَيْءٌ مَخْصُوصٌ؛ وهو العمل الصَّالِحُ الذي يَتَوَصَّلُون به إلى الجَنَّة، وانْتَصَب «خَالِدِين» على الحَالِ، والعَامِلُ فيه مَعْنَى «لا يهديهم اللَّه» ؛ لأنه بِمَنْزِلَةِ: يُعَاقِبهُم خَالِدِين، وانْتَصَب «أبَداً» على الظَّرْفِ، {وَكَانَ ذلك عَلَى الله يَسِيراً} أي: لا يتعذَّر عليْه شيءٌ.