للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال الزمخشري: «وهو عَطْف على أعدت» .

قيل: وهذا لا يتأتى على إعراب «أعدت» حالاً؛ لأنها لا تصلح للحالية.

وقيل: عطفها على «أعدت» فاسد؛ لأن «أعدت» صلة «التي» ، والمعطوف على الصلة صلة، ولا يصلح أن يقال: «الباء» التي بشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أنَّ لهم جنَّاتٍ، إلَاّ أن يعتقد أن قوله: «أُعِدَّتْ» مستأنفٌ، والظاهِرُ أنَّهُ من تمام الصلة، وأنَّهُ حالٌ من الضمير في «وقودها» ، والمأمور بالبشارة يجوز أن يكون الرسولُ عليه السَّلامُ، وأن يكون كُلُّ سَامِعِ، كما قال عليه السلام:

«بَشِّر المَشِّائِينَ إلَى المَسَاجِدِ في الظُّلَمِ بِالنُّورِ التَّامِّ يوم القِيَامِةِ» ، لم يأمر بذلك أحداً بعينه، وإنَّما كل أحدٍ مأمور به.

و «البِشارةُ» : أوّل خبرٍ من خيرٍ أو شَرٍّ؛ قالوا: لأنَّ أثرها يظهرُ في البَشَرَةِ، وهي ظاهرُ جِلْدِ الإنْسَانِ؛ وأنْشَدُوا: [الوافر]

٣٠٨ - يُبَشِّرُنِي الغُرَابُ بِبَيْنِ أَهْلِي ... فَقُلْتُ لَهُ: ثَكِلَتُكَ مِنْ بَشِيرِ

وقال آخر: [الطويل]

٣٠٩ - وَبَشَّرْتَنِي يَا سَعْدُ أنَّ أَحِبَّتِي ... جَفَوْني وأّنَّ الوُدَّ مَوْعِدُهُ الحَشْرُ

وهذا رأى سيبويه، إلاّ أنَّ الأكثر استعمالُهَا في الخير، وإن استُعْمِلَتْ في الشَّرِّ فَبِقَيْدٍ؛ كقوله تعالى: {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ} [آل عمران: ٢١] ، وإن أُطْلِقَتْ، كان للخَيْرِ.

وقال البغويُّ: «البِشَارَةُ كل خبر صدقٍ» .

وقال ابن الخطيب: إنَّها الخبرُ الذي يُظْهِرُ السرور، ولهذا قال الفقهاءُ: إذا قال لعبيده: أيُّكم يُبَشِّرُنِي بقدوم فلان فهو حرٌّ، فَبَشَّروه فُرَادَى، عَتَق أولهم؛ لأنَّهُ هو الذي أفاد خبره السرور. ولو قال مكان بَشَّرَني «: اَخْبَرَنِي عَتَقُوا جميعاً؟ لأنَّهم جميعاً أخبروه، ظاهِرُ كلام الزمخشري أنَّها تختص بالخير؛ لأنَّهُ تَأَوَّلَ» فبشِّرهم بعذابٍ «على العكس في

<<  <  ج: ص:  >  >>