للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في «هَلَكَ» ؟ قال أبو حيان: «ومنع الزمخشريُّ أن يكون قوله: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} جملةً حالية من الضمير في» هَلَكَ «، فقال: ومحلُّ {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} الرفع على الصفةِ، لا النصبُ على الحال» . انتهى، قال شهاب الدين: والزمخشريُّ لم يَقُلْ كذلك، أي: لم يمنعْ كونها حالاً من الضمير في «هَلَكَ» ، بل منع حاليتها على العموم، كما هو ظاهر قوله، ويحتملُ أنه أراد منع حاليتها من «امْرُؤٌ» ؛ لأنه نكرةٌ، لكنَّ النَكرة هنا قد تخصَّصَتْ بالوصف، وبالجملةِ فالحالُ من النكرَةِ أقلُّ منه من المعرفة، والذي ينبغي امتناعُ حاليتها مطلقاً؛ كما هو ظاهر عبارته؛ وذلك أنَّ هذه الجملة المفسِّرة للفعل المحذوف لا موضعَ لها من الإعراب؛ فأشبهت الجمل المؤكِّدة، وأنت إذا أتبعت أو أخبرت، فإنما تريدُ ذلك الاسم المتقدِّم في الجملة المؤكِّدة السابقة، لا ذلك الاسم المُكَرَّرَ في الجملة الثانية التي جاءت تأكيداً؛ لأن الجملة الأولى هي المقصودة بالحديث، فإذا قلت: «ضَرَبْتُ زَيْداً، ضربْتُ زَيْداً الفَاضِل» ، ف «الفَاضِل» صفةُ «زَيْداً» الأوَّلِ؛ لأنه في الجملة المؤكدة المقصودُ بالإخبار، ولا يضُرُّ الفصلُ بين النعتِ والمنعوت بجملة التأكيد، فهذا المعنى يَنْفِي كونها حالاً من الضمير في «هَلَكَ» ، وأما ما ينفي كونها حالاً من «امْرؤٌ» فلما ذكرته لك من قلَّةِ مجيء الحال من النكرةِ في الجملة، وفي هذه الآية على ما اختارُوهُ من كون «لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ» صفة - دليلٌ على الفصْلِ بين النعت والمنعوت بالجملة المفسرة للمحذوف في باب الاشتغال، ونظيرُه: «إنْ رَجُلٌ قام عَاقِلٌ فأكْرِمْهُ» ف «عَاقِلٌ» صفةٌ ل «رَجُلٌ» فُصِل بينهما ب «قَامَ» المفسِّر ل «قام» المفسَّر.

فصل

قال القُرطبيُّ: معنى قوله - تعالى -: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} أي: ليس لَهُ ولدٌ ولا وَالِدٌ، فاكْتَفَى بِذْكِرِ أحدهما.

قال الجُرْجَانِيُّ: لفظ الولد يَنْطَلِقُ على الوالدِ والموْلُود، فالوالدُ يُسَمَّى والداً؛ لأنه وَلد، والمَوْلُود يسَمَّى ولداً؛ لأنه [وُلد] ؛ كالذُّرِّيَّة [فإنَّهَا من ذَرَأ] ثم تُطْلَقُ على الولد، وعلى الوَالِدِ؛ قال - تعالى -: {وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الفلك المشحون} [يس: ٤١] وقوله - سبحانه -: {وَلَهُ أُخْتٌ} ؛ كقوله: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} ، والفاء في «فَلَهَا» جوابُ «إنْ» .

فصل في تقييدات ثلاثة ذكرها الرازي في الآية

قال ابن الخطيب: ظَاهِرُ هذه الآية فِيهِ تَقْيِيداتٌ ثلاثة:

<<  <  ج: ص:  >  >>