وقال الزَّجَّاجُ - وتبعه الزَّمَخْشَرِيُّ -: إنَّها لَيْسَتْ للْعَهْدِ، ولم يُرِدْ ب «اليوم»[يوماً] مُعَيَّناً، وإنَّما أراد به الزمانَ الحاضِرَ وما يُدانيه من الأزْمِنَةِ الماضِيَةِ والآتِيَةِ كقولك: كُنْتَ بالأمْس شابًّا، وأنْتَ اليومَ أشْيَب، لا تُرِيدُ بالأمسِ الذي قَبْلَ يَوْمِك، و [لا] باليومِ الزَّمَن الحاضِر فَقَطْ، ونحوه «الآن» في قَوْلِ الشَّاعِرِ: [الكامل]
ورُوِيَتْ - أيضاً - عَنْ أبِي عَمْرو، ويقال: يَئِسَ يَيْئَسُ ويَئْيِسُ بفتح عَيْنِ المضارعِ وكسرها، فهو شاذّ.
ويقال: أيس [أيضاً] مقلوبٌ من «يَئِسَ» فوزنُهُ «عَفِل» ويدلُ على القَلْبِ كَوْنُهُ لم يُعَلَّ، إذ لو لم يقدر ذلك لَلَزِمَ إلغاءُ المقتضى، وهو تَحَرُّكُ حَرْفِ العَلّة، وانفتاحُ ما قبله، لكنَّه لما كان في مَعْنَى ما لم يُعَلَّ صَحَّ.
واليَأسُ: انقطاعُ الرَّّجاءِ، وهو ضدُّ الطَّمَعِ.
«مِن دِينِكُمْ» مُتَعلقٌ ب «يئس» ، ومعناها ابتداءُ الغَايَةِ، وهو على حَذْفِ مُضَاف، أي: منْ إبْطَالِ أمْرِ دِينكم.
فصل
لَمَّا حَرَّم وحَلَّلَ فِيما تقدم، وخَتَمَ الكلام بقوله:«ذَلِكُمْ فِسْقٌ» ثُمَّ حَرَّضَهُم على التمسُّكِ بما شَرَع لهم، فقال:{اليوم يَئِسَ الذين كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ واخشون} أي: فلا تخافُوا المُشْرِكين في خلافكم لهم في الشَّرائعِ والأدْيَانِ، فإنِّي أنْعَمْتُ عليكم