أحدهما: أنَّه من أَرْزَاق الدنيا، وفيه وجهان:
أحدهما: هذا الذي وَعَدنَا به في الدُّنيا.
والثَّاني: هذا الذي رُزِقنا في الدنيا، لأنَّ لونه يشبهُ ثمار الدُّنيا، فإذا أكلوا وجدوا طَعْمَهُ غير ذلك.
الوجه الثاني: أنَّ المُشَبَّهُ به ثمار الآخرة، واختلفوا فيما حصلت المشابهة فيه على وجهين:
الأول: المراد تساوي ثوابهم في كُلِّ الأوقات في القدر والدرجة؛ حَتَّى لا يزيدَ ولا ينقص.
الثاني: المراد المُشَابهة في المنظر، فيكون الثاني كأنَّه الأوّل على ما رُوِيَ عن الحسن، ثمَّ هؤلاء اختلفوا، فمنهم من يقول: الاشتباهُ كما يقع في المنظر يقع في الطَّعمِ. ومنهم من يقول: وإن حصل الاشتباه في اللَّون، لكِنَّها تكون مختلفةً في الطَّعْم.
قال الحَسَنُ: يؤتى أَحَدُهُمْ بالصّحفة فيأكل منها، ثُمَّ يُؤْتَى بالأخرى فيقول: هذا الذي أُوتِينَا به من قَبْلُ: فيقول الملك: «كُل فاللَّونُ واحدٌ، والطعمُ مختلفٌ» .
فإن قيل: قوله: {كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا} مع قوله: «قالُوا: هذا الذي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ» - هذا صيغةُ عموم، فيشمل كُلُّ الأوقاتِ التي رُزِقوا فيها، فيدخل فيه أوّل مَرّة رُزِقوا في الجنَّة، فلا بُدَّ وأن يقولوا: «هذا الذي رُزِقْنَا من قَبْلُ» فما الجواب على قولنا بَأَنَّ المشبَّه به ثِمَارُ الآخِرة؟ والجواب أنَّ عمل ذلك على ما وعدوا به في الدُّنْيَا، أو يكون تقدير الكلام: هذا الَّذِي رُزِقْنَا في الأَزَلِ.
قوله: {وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً} الظاهِرُ أنَّها جملةٌ مستأنفة.
وقال الزمخشريُّ فيها: هو كقولك: «فلانُ أَحْسِن بِفُلانٍ» ونِعْمَ ما فعل، ورأى من الرَّأي كذا، وكان صواباً.
ومنه: {وجعلوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وكذلك يَفْعَلُونَ} [النمل: ٣٤] .
وما أشْبَه ذلك من الحُمَلِ التي تُُسَاقُ في الكلام معترضةً للتقرير، يعني بكونها معترضة، أي من أحوال أَهْلِ الجنَّةِ، فإنَّ بَعْدَهَا: {وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ} ، وإذا كانت معترضةً فلا محلَّ لها. وقيل: هي عَطْفٌ على «قالوا» .
وقيل: مَحَلُّها النَّصبُ على الحالِ، وصاحبُها فاعل «قالوا» أي: قالوا هذا الكلام في