بمعنى «الذين» جاز أن يكون العامل في الظَّرْفِ «مِنَ الخَاسِرِينَ» بمعنى أنَّه لو كانت موصولةً لامتنع أن يعمل ما بعدها فيما قبلها؛ لأنَّ الموصول لا يتقدم عليه ما في حَيِّزِهِ، وهذا كما قالوا في قوله:{إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ القالين}[الشعراء: ١٦٨] ، {وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزاهدين}[يوسف: ٢٠] .
وتقدير مكيٍّ متعلّق هذا الظرف وهو خاسر، وإنَّما هو بناء على كون «أل» موصولة بدليل قوله: فإن جعلت الألف واللَاّم ليستا بمعنى «الذين» وبالجملة فلا حاجة إلى هذا التقديرِ، بل العامل فيه كما تقدَّمَ العامل في الظرف الواقع خبراً، وهو الكون المطلق، ولا يجوزُ أن يكون «في الإخِرَةِ» هو [الخبر و «من الخاسرين» متعلق بما تعلق به، لأنه لا فائدة في ذلك، فإن جعل] «من الخاسرين» حالاً من ضمير الخبر، ويكون حالاً لازمة جاز، وهو ضعيف في الإعْرابِ، وقد تقدَّم نظير هذه الآية في «البقرة» عند قوله:
قوله:{وَهُوَ فِي الآخرة مِنَ الخاسرين} مشروطٌ بشرط غير مذكور في الآية، وهو أنْ يموت على ذلك الكفر إذ لو تاب عن الكفر لم يكن في الآخرة من الخاسرين، ويدل على أنَّهُ لا بدَّ من هذا الشّرط قوله:{وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فأولاائك حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدنيا والآخرة}[البقرة: ٢١٧] .