يكون الحد خارجاً عن المحدود كقوله:{أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل}[البقرة: ١٨٧] فإنَّ النَّهار مُنفَصِلٌ عن الليل انفصالاً محسوساً، وقد لا يكون منفصلاً كقولك:«بعتك هذا الثوب من هذا الطرف إلى ذلك الطرف» ، فإن طرف الثوب غير منفصل عن الثوب بمقطع محسوس فإذا كان كذلك فامتياز المرفق عن السَّاعد ليس له مفصل معين؛ فوجب غسله.
وثانياً: سلّمنا أنّ المرفق لا يجب غسله، إلَاّ أنَّ المرفقَ اسم لما جاوز طرف العظم؛ لأنَّهُ هو الذي يرتفق به أي يتَّكِئ عليه، ولا نِزَاع أنَّ ما وراء طرف العظم لا يجب غسله، قاله الزجاج.
فصل في غسل ما أمكن مما هو دون المرفق
فإن قطع ما دون المرفق؛ وجب غسل ما بقي؛ لأنَّ محل التكليف باقٍ وإن كان قطع مما فوق المرفق لم يجب؛ لأنَّ محلّ التّكليف زال، وإن كان قطع من المرفق؛ فقال الشافعي: يجب إمساسُ [الماء عند ملتقى العظمين؛ وجب مساس] لطرف العظم؛ لأنَّ غسل المرفق كان واجباً، وهو عبارة عن ملتقى العَظْميْنِ، فوجب إمساسُ الماء عند ملتقى العَظْمَيْنِ، وجب إمْسَاس لطرف العظم الباقي لا محالة.
قوله عزَّ وعلا:{وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ} .
في هذه «الباء» ثلاثةُ أوْجُه:
أحدها: أنَّها للإلصاق، أي: ألصقوا المسح برؤوسكم.
قال الزمخشريُّ: المرادُ إلصاق المَسْحِ بالرَّأسِ، وما مسح بعضه ومستوعبه بالمسح كلاهما مُلْصق المسح برأسه.
قال أبو حيَّان: وليس كما ذكر، يعني أنَّهُ لا يطلق على [الماسح] بعض رأسه، أنَّهُ ملصق المسح برأسه، وهذا مُشَاحَّةٌ لا طَائِلَ تحتها.
والثاني: أنها زائدة كقوله: {وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ}[البقرة: ١٩٥] .