للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال بعضهم: أراد بقوله «وأرْجلكُم» : المسح على الخفين، كما رُوي أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - «كَانَ إذا رَكَع وضَعَ يَدَهُ على رُكْبَتَيْهِ» ، وليس المرادُ منه أنَّهُ لم يكن بينهما حائل، ويقالُ: قبَّلَ فلان رأس الأمير ويده، وإنْ كانت العمامة على رأسِهِ ويده في كمه فالواجب في غسل أعضاء الوضوء هذه الأربعة.

فصل: حكم النيّة في الوضوء

اختلفوا في وجوب النية فذهب أكثر العلماء إلى وجوبها لأن الوضوء عبادة فيفتقر إلى النية كسائر العباداتِ، ولقوله عليه السلام: «إنَّما الأعْمَالُ بالنيَّات» وذهب النووي وأصحاب الرّأي إلى عدم وجوبها.

فصل [حكم الترتيب]

واختلَفُوا في وجوب الترتيب وهو أن يغسل أعضاءه على التَّرْتيب المذكور في الآية فذهب مالكٌ والشافعيُّ، وأحمد وإسحاق إلى وجوبه، ويروى ذلك عن أبي هريرة، واحتجُّوا بقول الله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة فاغسلوا وُجُوهَكُمْ} فاقتضى وجوب الابتداء بغسل الوجه؛ لأنَّ الفاء للتّعقيب، وإذا أوجب الترتيب في هذا العضو؛ وجب في غيره، إذ لا قائل بالفرق.

[قالوا: فاء التعقيب إنما دخلت] في جملة هذه الأعمال، فجرى [الكلام] مجرى قوله: إذا قُمتمْ إلى الصلاةِ، فأتوا بمجموع هذه الأفعال.

قلنا: فاء التّعقيب إنّما دخلت على الوجه لالتصاقها بذكر الوجه، وبواسطة دخولها على الوجْهِ، دخلت على سائر الأفعالِ، فكان دخولها على الوجه أصل، ودخولها على المجموع تبع لدخولها على غسل الوجه، فنحنُ اعتبرنا دلالة الفاء في الأصْلِ، واعتبرتموها في التبع، فكان قولنا أولى.

وأيضاً فقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «ابْدَءوا بما بَدَأ اللَّهُ بِه» يقتضي العموم، وأيضاً فإهمال الترتيب في الكلام مستقبح فيجب تنزيه كلام الله تعالى عنه، وكونه تعالى أدرجَ ممسوحاً بين مغسولَيْن، وقطع النّظير عن النظير، يدلُّ على أنَّ التَّرتيب مراد.

وأيضاً فإن وجوبَ الوضُوءِ غير معقول المعنى؛ لأنَّ الحدث يخرج من موضع

<<  <  ج: ص:  >  >>