للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل في تفسير الميثاق

اختَلَفُوا في تَفْسِير هذا الميثاقِ، فقال أكْثَرُ المُفَسِّرين: هو العَهْدُ الذي عَاهَدَ اللَّه عَلَيْه المُؤمنين حين بَايَعُوا رَسُول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشرَّف وكرم - تَحْتَ الشَّجَرَةِ وغَيْرها على أن يكُونُوا على السَّمْعِ والطاعَةِ في [المَحْبُوبُ والمكروه] ؛ وأضَافَ الميثاقَ الصَّادِر عن الرَّسُول إلى نَفْسِهِ، كقوله تعالى: {إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله} [الفتح: ١٠] ، وأكَّدَ ذَلِكَ بأنَّهم التزمُوا وقالُوا: «سَمِعْنَا وأطَعْنَا» ، ثم حذَّرَهم عن نَقْضِ تِلْك العُهُود فلا تَعْزِمُوا بقلوبكم على نَقْضِهَا، فاللَّهُ يَعْلَم ذلك، وكَفَى به مُجَازِياً.

وقال ابْنُ عَبَّاسٍ: هو المِيثاقُ الذي أخذه اللَّه على بَنِي إسْرائِيل حين قالُوا: آمَنَّا بالتَّوْرَاة وبكُلِّ ما فيها، وكان من جُمْلة ما في التَّوْرَاةِ البِشَارَةُ بمقدم مُحَمَّد - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -.

وقال مُجَاهِدٌ والكَلْبِي ومقاتلٌ: هو المِيثَاقُ الذي أخَذَهُ منهم حِين أخْرَجَهم من ظَهْر آدَم، وأشْهَدَهُمْ على أنْفسِهم {أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ، قَالُوا: ْ بلى} [الأعراف: ١٧٢] .

وقال السّديّ: المُرَاد بالمِيثاقِ: الدَّلائل العَقْلِيَّة والشَّرْعِية التي نَصَبَها اللَّهُ على التَّوْحِيدِ والشَّرائعِ.

قوله تعالى: {إِذْ قُلْتُمْ [سَمِعْنَا] } ، في «إذْ» ثلاثةُ أوْجُه:

أظهرها: أنَّهُ مَنْصوب ب «وَاثَقَكُمْ» .

الثاني: أنَّهُ مَنْصَوبٌ على الحَالِ من الهَاءِ في «بِهِ» .

الثالث: أنَّهُ حال من [ «ميثاقِهِ» ] ، وعلى هذَيْن الوَجْهَيْن الأخيريْن يتعلَّقُ بمحذُوفٍ على القاعِدَة المُقَرَّرَةِ.

و «قُلْتُم» في محلّ خَفْضٍ بالظَّرْف، و «سَمِعْنَا» في محلِّ نَصْبٍ بالقَوْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>