وقال الزَّمَخْشَرِي، وقرأ عبد الله «قسيَّة» ، أي: رديئة مغشوشة من قولهم: «درهم قَسيّ» ، وهو من القَسْوة؛ لأن الذَّهَبَ والفضَّةَ الخالِصَيْن فيهما لين، والمغشوش فيه صلابةٌ ويُبْسٌ والقَاسِي والقاسِح بالحاء المهملة أخوان في الدَّلالة على اليُبْس.
وهذا القول سبقه إليه «المُبَرِّد» ، فإنه قال:«يسمى الدِّرْهم المَغْشُوش قَسِيًّا لصلابته وشدَّتهِ للغِشِّ الذي فيه» ، وهو يرجعُ للمعنى الأوَّل، والقاسِي والقَاسِح بمعنى واحد.
وعلى هذين القَولَيْن تكون اللَّفظة عَرَبيَّةً.
وقيل: بل هذه القِرَاءَةُ توافق قِراءَة الجَمَاعَة في المعنى والاشْتِقَاق؛ لأنَّه «فَعِيل» للمُبَالغة ك «شاهد» ، و «شهيد» ، فكذلك قاسٍ وقَسِيّ، وإنما أنِّث على معنى الجماعةِ في المعنى والاشْتِقَاق.
وقرأ الهَيْصَم بن شداخ:«قُسِيَّة» بضم القَافِ وتشديد اليَاء.
وقرئ «قِسِيَّة» بكسر القاف إتْبَاعاً، وأصْلُ القراءَتَيْن:«قاسِوَة» ، و «قَسِيوة» لأن الاشْتِقَاق من القَسْوة.
فصل
والمعنى أنَّ قلوبهم ليست بخالصة الإيمان، بل إيمانُهُم مشوبٌ بالكُفْرِ والنِّفَاق، وقيل: نائيةٌ عن قُبُول الحقِّ، مُنْصَرِفة عن الانقيادِ للدَّلائل.
وقالت المُعْتَزِلَة: أخْبِرْنا عنها بأنَّها صارت قَاسِيَة، كما يُقَال: فلانٌ جعل فُلاناً قاسِياً وعدْلاً. ثم إنَّه تعالى ذكر بَعْضَ نتائج تلك القَسْوَة، فقال:{يُحَرِّفُونَ الكلم عَن مَّوَاضِعِهِ} وهذا التَّحْرِيفُ هو تَبْدِيلُهم نعت النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم -، وقيل: التَّأويل البَاطل.
والجملة من قوله:«يُحَرِّفُونَ» فيها أرْبَعَةُ أوْجُه: