للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال أبُو البَقَاء: «ولو قُرئ بالجَرِّ على البَدَلِ لكان مُسْتَقِيماً» ، يعني على البَدَل من «خَائِنَة» ، فإنَّهُ في حيز كلامٍ غير مُوجب.

والثاني ذكره ابْنُ عطيَّة: أنَّهُ الفعل أي: لا تَزَالُ تَطَّلِعُ على فِعْلِ الخيانة إلا فَعْلاً قَلِيلاً، وهذا واضِحٌ إن أُريد بالخِيَانَة أنَّها صِفَةٌ لِلْفَعْلَةِ المقدَّرَة كما تقدَّم، ولكن يبْعد ما قاله ابنُ عطيَّة قوله بعده: «مِنْهُم» ، وقد تقدَّم لَنَا نَظِيرُ ذلك في قوله: {مَّا فَعَلُوهُ إِلَاّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ} [النساء: ٦٦] من حَيْث جَوَّز الزَّمَخْشَرِيّ فيه أنْ يكون صِفَةً لمَصْدرٍ مَحْذُوفٍ.

الثالث: أنَّه «قُلُوبهُم» في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} ، قال صاحب هذا القول: والمُرادُ بِهِمْ: «المُؤمِنُون؛ لأنَّ القَسْوَة زالت عن قُلُوبِهِم» ، وهذا بَعِيدٌ جدًّا؛ لقوله: «لَعَنَّاهُمْ» .

الرابع: أنَّهُ الضَّمِير في «مِنْهُم» من قوله: {على خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ} قال مَكيّ.

قوله [تعالى] : {فاعف عَنْهُمْ واصفح} .

قيل: «العَفْوُ» نُسِخَ بآية السَّيْف، وقيل: لَمْ يُنْسَخُ، وعلى هذا فيه وجهان:

أحدهما: معناه: فاعْفُ عن مُؤمنيهم، ولا تُؤاخِذْهُم بما سلَفَ منهم.

الثاني: أنَّا إن حملنا القَلِيل على الكُفَّار [منهم الذين بَقُوا على الكُفْر] ، فالمعنى: أنَّ الله تعالى أمر رسوله بالعَفْوِ عنهم في صَغَائِر زَلَاّتِهِم ما داموا بَاقِين على العهد، وهو قَوْل أبِي مُسْلِم.

ثم قال تعالى: {إِنَّ الله يُحِبُّ المحسنين} .

قال ابنُ عبَّاسٍ: إذا عَفَوْت فأنْتَ مُحْسِنٌ، وإذا كنْتَ مُحْسناً فقد أحبَّك اللَّه.

وقيل: المراد بهؤلاء المُحْسنين: هم المَعْنيّون بقوله تعالى: {إِلَاّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ} وهمْ الذين ما نَقَضُوا الْعَهْد.

<<  <  ج: ص:  >  >>