للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ ابن السمَيْفع: {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا} بفتح الياء، ورُوِيَ أنَّ إبراهيم - عليه السلام - لما صعد [جَبَل لبنان] ، فقال اللَّهُ تعالى له: «انظر فما أدركه بصرك فهو مقدس، وهو ميراث لذريتك» .

والأرضُ المقدَّسَةُ هي الأرْضُ المطهَّرَةُ من الآفات؛ لأنَّ التَّقْدِيس هُو التَّطْهِيرُ، وقال المُفَسِّرُون طهِّرَت من الشِّرك، وجُعِلَت مَسْكَناً وقَرَاراً للأنْبِيَاء، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ تلك الأرْض لما أمَرهُمْ مُوسى بِدُخُولها ما كانَتْ مقدَّسة عن الشِّرْك، وما كَانَتْ مَقرًّا للأنْبيَاء، وقد يُجَابُ عَنْهُ بأنَّها كَانَتْ كذلك فيما قَبْل.

واختلفُوا في تلك الأرْض، فقال عِكْرِمَةُ، والسديُّ، وابنُ زَيْد: هي أريحا.

وقال الكَلْبِيُّ: هي دمشق وفلسْطِين وبعض الأرْدُن، وقال الضَّحَّاك: هي إيليَا وبَيْتُ المَقْدِسِ، وقال مُجَاهِد: هي الطُّور وما حَوْلَه. وقال قتادةُ: هي الشَّامُ كُلُّها. وقال كَعْبٌ: وجَدْتُ في كتاب اللَّه المُنَزَّل [أنَّ الشَّام] كَنْزُ الله من أرْضِه، وبِها كَثْرَةٌ من عِبَادِه.

وقوله: {كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} يعني: في اللَّوْح المَحْفُوظِ أنَّها لكم مَسَاكِن.

وقال ابن إسحاق: وهب اللَّهُ لكم، وقيل: جعلها لكم [قال السديّ: أمَرَكُم الله بِدُخُولها] .

فإن قيل: لم قال {كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} ، ثم قال {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٢٦] .

فالجوابُ: قال ابنُ عبَّاس: كانت هِبَةً ثُمَّ حرَّمها عليهم بشُؤم تَمَرُّدِهِم وعِصْيَانِهم، وقيل: اللَّفْظ وإن كان عامًّا لكنَّ المرادُ به الخُصُوصُ، فكَأَنَّها كُتِبَتْ لِبَعْضِهِم، وَحُرِّمَتْ على بَعْضِهِم.

<<  <  ج: ص:  >  >>