وقوله تعالى:{يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ} كقوله تعالى: {يُرِيدُ الله أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ}[النساء: ٢٨] وقد تقدَّم.
والجُمْهُور على «أن يَخرُجُوا» مَبْنيّاً للفاعل وقرأ يحيى بن وثَّاب، وإبْرَاهيم النَّخْعي «يُخْرجُوا» مبنياً للمفعُول وهما واضحتان، والمقصُود من هذا الكلام لُزُوم العذابِ لَهُمْ، وأنَّهُ لا سَبيلَ لهُمْ إلى الخلاصِ مِنْهُ وإرادتهم إلى الخُرُوجِ تحْتَمِلُ وجهيْن:
الأوَّل: أنهم قصدوا وطلبُوا المخرج مِنْها، كقوله تعالى
قيل: إذا [لَفَحَتْهُم] النَّار إلى فوق فهُنَاك يتمنُّون الخُرُوج.
وقيل: يَكادُون أن يخْرُجُوا من النَّار؛ لِقُوَّة النَّارِ ورفعها للمُعَذَّبين.
والثاني: أنهم يتمَنُّون ذلك ويريدُوه بِقُلُوبهم.
فصل
احتجَّ أهْلُ السُّنَّة بهذه الآية على أن الله تعالى يُخْرِج من النار من قال: لا إله إلا الله مُخْلِصاً؛ لأنَّه تعالى جعل هذا المعنى من تَهْديدات [الكُفَّار، وأنواع ما خَوَّفهم به، ولولا أنَّ هذا المعنى يختصُّ بالكفار وإلا لم يكن لِتخصيص] الكُفَّار به معنى، ويؤكده قوله {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} ، وهذا يفيد الحصر، فكان المعنى: ولهم عذابٌ مقيمٌ لا لِغَيْرهم كما أن قوله {لَكُمْ دِينُكُمْ}[الكافرون: ٦] لا لغيركم، فها هُنَا كذلك.