ولا يجوز أن تليها «الفاء» مباشرة، ولا أن تتأخّر عنها بِجُزْأَي جملةٍ، لو قلت:«أَمَّا زَيدٌ منطلقٌ ففي الدَّار» لم يجز، ويجوز أنْ يَتَقَدَّمَ معمولُ ما بعد «الفاءِ» عليها ممتليٌّ أمَّا كقوله: {فَأَمَّا اليتيم فَلَا تَقْهَرْ}[الضحى: ٩]
ولا يجوز الفصلُ بَيْن أَمَّا والفاءِ بمعمول خبر «إنَّ» خلافاً للمبرد، ولا بمعمول خبر «ليت» و «لَعَلَّ» خلافاً للفرّاء، وإن وقع بعدها مصدرٌ نحو:«أمَّا عِلْماً فعالمٌ» فإن كان نكرةً جاز نصبه عند التميميين فيه الرفع والنصب نحو: «أَمَّا العِلْمُ فَعَالِمٌ» ، ونصب المنكِّر عند سيبويه على الحال، والمعرَّف مفعول له.
وأمَّا الأخفشُ فنصبهما عنده على المفعول المطلق، والنصب بفعلِ الشرط المقدَّر، أو بما بعد الفاء، ما لم يمنع مانعٌ، فيتَعَيَّن فِعلُ الشرط نحو: أمَّا عِلْمَاً فلا عِلْمَ له أو: فإنَّ زيداً عالمٌ؛ لأن «لا» و «إنَّ» لا يَعْمَلُ ما بعدهما فيما قبلهما.
وأمَّا الرفعُ فالظاهِرُ أنه بفعل الشرط المقدَّرِ، أي: مهما يُذْكَرْ عِلْمٌ، أو: العلم فزيدٌ عالمٌ، ويجوز أن يكون مبتدأ، وعالمٌ خبر مبتدأ محذوف، والجملةُ خبرةُ، والتقديرُ: أَمَّا علمٌ - أو العلمُ - فزيدٌ عالمٌ به، وجاز الابتداء بالنكرة، لأنَّهُ موضعُ تفصيل، وفيها كلام طويل.
و «الَّذِينَ آمَنُوا» في مَحَلِّ رفع بالابتداء، و «فيعلمون» خبره.
الفاءُ جواب «أَمَّا» لما كان تضمنته من معنى الشَّرط، و «أَنَّهُ الْحَقُّ» سَادٌّ مَسَدَّ المفعولين عند الجمهور، [وساد] مسدّ المفعول الأوّل فقط، والثاني محذوف، عند الأخفش، أي: فيعلمون حَقِيْقَتَهُ ثَابِتَةً.
وقال الجمهور: لا حَاجَةَ إلى ذلك؛ لأنَّ وجود النسبة فيها بعد «أّنَّ» كافٍ في تَعَلُّقِ العلمِ، أو الظَّنِّ به، والضمير في «أَنَّهُ» عائدٌ على المَثَلِ.