للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

على محلِّ «أن النفس» ؛ لأن المعنى: «وكتبنا عليهم النفسُ بالنفسِ» ، إما لإجراء «كتبنا» «مجرى» قلنا، وإما أن معنى الجملة التي هي «النفس بالنفس» مما يقع عليه الكَتْبُ، كما تقع عليه القراءة تقول: كتبتُ: الحمدُ لله وقرأت: سُورةٌ أنزلناها، ولذلك قال الزَّجَّاج: «لو قرئ إن النفس بالنفس بالكسر لكان صحيحاً» .

قال أبو حيان: هذا الوجْهُ الثاني من توجيه أبي عليٍّ، إلا أنه خرج عن المصطلح، حيث جعله من العطف على المحل وليس منه، لأن العطف على المحلِّ هو العطف على الموضعِ، وهو محصور ليس هذا منه، ألا ترى أنا لا نقول: {أن النفس بالنفس} في محل رفع؛ لأن طالبه مفقود، بل «أن» وما في حيِّزهَا بتأويل مصدر لفظه وموضعه نَصبٌ؛ إذ التقدير: «كتبنا عليهم أخذ النفس» ، قال شهاب الدين: والزمخشري لم يَعْنِ أن «أن» وما في حيِّزهَا في محل رفع، فعطف عليها المرفوع حتى يلزمه أبو حيان بأن لفظها ومحلَّها نصب، إنما عَنى أن اسمها محلُّه الرفع قبل دخولها، فراعَى العطف عليه كما راعاه في اسم «إن» المكسورة وهذا الرد ليس لأبي حيّان، بل سبقه إليه أبو البقاء، فأخذه منه.

قال أبو البقاء: «ولا يجوز أن يكون معطوفاً على» أنّ «وما عملت فيه في موضع نصب» انتهى.

وليس بشيء لما تقدم.

قال أبو شامة: فمعنى الحديث: قلنا لهم: النَّفْسُ بالنفسُ، فحمل «العين بالعين» على هذا، لأنَّ «أنَّ» لو حذفت لاستقام المعنى بحذفها كما استقام بثبوتها، وتكون «النفس» مرفوعة، فصارت «أن» هنا ك «إن» المكسورة في أن حذفها لا يُخلُّ بالجملة، فجاز العَطْفُ على محل اسمها، كما يجوز على محلِّ اسم المكسورة، وقد حُمِلَ على ذلك:

{أَنَّ

الله

برياء

مِّنَ المشركين وَرَسُولُهُ} [التوبة: ٣] .

قال ابن الحاجب: «ورسوله» بالرفع معطوف على اسم «أنَّ» وإن كانت مفتوحة لأنها في حكم المكسورة، وهذا موضع لم ينبه عليه النحويون.

قال شهاب الدين: بلى قد نَبَّه النحويون على ذلك، واختلفوا فيه، فجوَّزه بعضهم، وهو الصحيحُ، وأكثر ما يكون ذلك بعد «علم» أو ما في معناه كقوله: [الوافر]

١٩٦٩ - وإلَاّ فاعْلَمُوا أنَّا وأنْتُمْ ... بُغَاةٌ ما بَقِينَا فِي شِقَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>