للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأجاز أبو البقاء أن تكون حالاً من اسم الله، أي: مُضِلَاّ به كثيراً، وهادياً به [كثير] .

وجَوَّزَ ابن عطية أن يكون جملة قوله: «يُضِلُّ بِعِ كَثِيراً» من كلام الكُفَّارِ، وجملةُ قوله: «وَيَهْدِي بِهِ كَثيراً» من كلام الباري تعالى. وهذا ليس بظاهرٍ لأنّهُ إلباسٌ في التركيب.

والضميرُ في «به» عائدٌ على «ضَرْب» المضاف تقديراً إلى المَثَل، أي يضرب المثل، وقيل: الضميرُ الأوّل للتكذيب، والثاني للتصديق، ودَلَّ على ذلك قوة الكلام.

[وقُرِئ: «يُضَلُّ به كثيرٌ، ويُهِدَى به كثيرٌ، وما يُضِلُّ بِهِ إلَاّ الفَاسِقُونَ» بالبناء للمفعول] .

وقُرِئَ أيضاً: «يَضِلُّ كَثِيرٌ ويَهْدِي به كثيرٌ، وما يَضِلُّ بِهِ إِلَاّ الفَاسِقون» بالبناء للفاعل.

قال بعضهم: «وهي قراءة القَدَرِيَّة، وقد نَقَلَ ابن عطية عن أبي عمرو الدَّاني أنَّهَا قراءة المعتزلة» . ثم قال: وابن أبي عبلةَ من ثِقَاتِ الشاميين «يعني قارئها، وفي الجملةِ فهي مخالفة لسواد المصحفِ.

فإنْ قيل: كيف وصف المهتدين هنا بالكثرة وهم قليلون؛ لقوله: {وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} [ص: ٢٤] ، و {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور} [سبأ: ١٣] فالجوابُ أَنّهم، وإن كانوا قليلينَ في الصُّورة، فهم كثيرون في الحقيقةِ؛ كقوله: [البسيط]

٣٣٥ - إِنَّ الكِرَامَ كَثِيرٌ فِي الْبِلَادِ وَإِنْ ... قَلُّوا كَمَا غَيْرُهُمْ قَلَّ وَإِنْ كَثُرُوا

فصار ذلك باعتبارين.

<<  <  ج: ص:  >  >>