مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} أي: سَبِيلاً وسُنَّة، وأراد بهذا أن الشَّرَائع مختلِفَةٌ ولكلِّ أمَّة شرِيعة.
قال قتادة: الخِطَاب للأمُمِ الثَّلاث: أمَّة مُوسَى، وأمَّة عيسى، وأمَّة محمد - صلوات الله وسلامُهُ عليهم - لتقدُّم ذِكرهم.
فإن قيل: قد وردتْ آياتٌ تدلُّ على عدم التَّبَايُن في طريقة الأنبياء - عليهم السلام - كقوله تعالى:{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً}[الشورى: ١٣] إلى قوله تعالى: {أَنْ أَقِيمُواْ الدين وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ}[الشورى: ١٣] وقال تعالى {أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده}[الأنعام: ٩٠] ، وآياتٌ دلَّت على التَّبَايُن في هذه الآية فكيف الجَمْع؟
فالجواب: أنَّ الأوَّل يَنْصَرِفُ إلى أصُول الدِّيَانَاتِ.
والثاني ينصرف إلى الفُرُوع.
واحتجَّ أكثر العُلَمَاء بهذه الآية على أنَّ شرع من قبلنا لا يلزمنا؛ لأنَّها تدلُّ على أنَّ لكلِّ رَسُولٍ شريعَةٌ خاصَّةٌ.
قوله تعالى:{وَلَوْ شَآءَ الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} ، أي: جماعة مُتَّفِقَة على شريعة واحِدة، أو ذَوِي أمة واحدة، أو دِين واحد لا اخْتِلَاف فيه.
قال أهل السُّنَّة: وهذا يدلُّ على أن الكُلَّ بِمَشِيئَةِ الله - تعالى -، والمعتزِلَة: حَمَلُوهُ على مَشِيئَة الإلْجَاء.